وعير موحدين، موحدون لأنهم عرفوا نصف التوحيد وأقروا به وهو توحيد الربوبية = على زعمه =، وغير موحدين لأنهم جهلوا نصف التوحيد وهو توحيد الألوهية = على زعمه = وعليه فقد ارتكبوا نصف الشرك، فمقتضى عدله تعالى ورحمته لعباده أن يتنصف لهم الثواب والعذاب، فيثابون نصف ثواب الموحدين الخالصين، ويعذبون نصف عذاب المشركين الخالصين.
الثاني: دل كلامه في الموضع الثالث الذي أبطلته سابقا على أن التوحيد مجزء إلى ثلاثة أجزاء: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات، قال فيه:
(وأخرجوا من التوحيد ما هو منه كتوحيد الإلهية، وإثبات حقائق أسماء الله وصفاته، ولم يعرفوا من التوحيد إلا توحيد الربوبية)، وعلى هذا يكون التوحيد مثلثا، ويلزم منه تثليث الشرك، وعليه فمقتضى عدله تعالى ورحمة لعباده تثليث العذاب والثواب لهم فيعذبون ثلثي عذاب المشركين الخالصين، ويثابون ثلث ثواب الموحدين الخالصين، لأنهم ارتكبوا ثلثي الشرك بجهلهم توحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، وأتوا بثلث التوحيد بمعرفتهم توحيد الربوبية.
الثالث: تذبذبه في تقسيمه التوحيد في ثلاثة مواضع إلى قسمين، وفي موضع إلى ثلاثة أقسام يدل على جهله بأصول الدين، فإن قيل ليس هذا تذبذبا وإنما هو تغير في الاجتهاد ظهر له في اجتهاده في تلك المواضع أن التوحيد ينقسم إلى قسمين، وظهر له في ذلك الموضع أنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام، قلت: هذا فاسد فإن الاجتهاد إنما يكون في الفروع لا في الأصول.
الرابع: يلزم على كلا التقسيمين أنه لا يوجد في بني آدم عامة وفي المسلمين سلفهم وخلفهم خاصة موحد خالص ولا مشرك خالص إلا من وافقه منهم على رأيه، فلو استظهر هو والمفتونون به بالثقلين جميعا على إثبات رأيه هذا عن أي واحد من السلف الذين يلبس بهم لم يتسطيعوا.
الخامس: التوحيد لغة: الحكم بأن الشئ واحد، والعلم بأنه واحد واصطلاحا فسره بعض أهل السنة بأنه: إفراد العابد المعبود بالعبادة، أي تخصيصه بها.