ومن ذلك قوله تعالى (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله)، فإنه إله في الأرض ولو لم يكن فيها يعبده كما في آخر الزمان، فإن قالوا إنه معبود فيها أي مستحق للعبادة، قلنا إذا لا فرق بين الإله والرب فإن المستحق للعبادة هو الرب لا غير، ما كانت محاورة فرعون لموسى عليه الصلاة والسلام إلا في الربوبية وقد قال: (أنا ربكم الأعلى) ثم قال: (لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين) ولا داعي للتطويل في هذا.
وأما السنة فسؤال الملكين للميت عن ربه لا عن إلهه، لأنهم لا يفرقون بين الرب والإله، (فإنهم ليسوا بتيميين ولا متخبطين)، وكان الواجب على مذهب هؤلاء أن يقولوا لميت: من إلهك لا من ربك؟ أو يسألوه عن هذا وذاك.
وأما قوله: (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله)، فهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم إجابة لحكم الوقت مضطرين لذلك بالحجج القاطعات والآيات البينات،، ولعلهم نطقوا بما لا يكاد يستقر في قلوبهم أو يصل إلى نفوسهم، بدليل أنهم يقرنون ذلك القول بما يدل على كذبهم، وأنهم ينسبون الضر والنفع إلى غيره، وبدليل أنهم يجهلون الله تمام الجهل ويقدمون غيره عليه حتى في صغائر الأمور.
وإن شئت فانظر إلى قولهم لهود عليه الصلاة والسلام: (إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء). فكيف يقول ابن تيمية إنهم معتقدون أن الأصنام لا تضر ولا تنفع إلى آخر ما يقول؟.
ثم انظر بعد ذلك في زرعهم وأنعامهم: (هذا لله بزعمهم وهذا لشر كائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم)، فقدموا شركاءهم على الله تعالى في أصغر الأمور وأحقرها.