التوسل بالنبي (ص) وجهلة الوهابيون - أبي حامد بن مرزوق - الصفحة ٩٨
أما القرآن فقد قال: (ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا)، فصرح بتعدد الأرباب عندهم، وعلى الرغم من تصريح القرآن بأنهم جعلوا الملائكة أربابا.
يقول ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب: إنهم موحدون توحيد الربوبية ونيس عندهم إلا رب واحد وإنما أشركوا في توحيد الألوهية، ويقول يوسف عليه السلام لصاحبي السجن وهو يدعوهما إلى التوحيد: (أأرباب متفر - قون خير أم الله الواحد القهار)، ويقول الله تعالى أيضا: (وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي)، وأما هم فلم يجعلوه ربا.
ومثل ذلك قوله تعالى: (لكنا هو الله ربي)، خطابا لمن أنكر ربوبيته تعالى وانظر إلى قولهم يوم القيامة: (تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين)، أي في جعلكم أربابا = كما هو ظاهر = وانظر إلى قوله تعالى: (وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قال وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا)، فهل ترى صاحب هذا الكلام موحدا أو معترفا؟.
ثم انظر إلى قوله تعالى: (وهم يجادلون في الله)، إلى غير ذلك وهو كثير لا نطيل بذكره، فإذا ليس عند هؤلاء الكفار توحيد الربوبية = كما قال ابن تيمية =، وما كان يوسف عليه السلام يدعوهم إلا إلى توحيد الربوبية، لأنه ليس هناك شئ يسمى توحيد الربوبية وشئ آخر يسمى توحيد الألوهية عند يوسف عليه السلام.
(فهل هم أعرف بالتوحيد منه ويجعلونه مخطئا في التعبير بالأرباب دون الآلهة؟)، ويقول الله في أخذ الميثاق: (ألست بربكم قالوا بلى)، فلو كان الاقرار بالربوبية غير كاف وكان متحققا عند المشركين ولكنه لا ينفعهم = كما يقول ابن تيمية =، ما صح أن يؤخذ عليهم الميثاق بهذا، ولا صح أن يقولوا يوم القيامة: (إنا كنا عن هذا غافلين)، وكان الواجب أن يغير الله عبارة الميثاق إلى ما يوجب اعترافهم بتوحيد الألوهية حيث إن توحيد الربوبية غير كاف = كما يقول هؤلاء =، إلى آخر ما يمكننا أن نتوسع فيه، وهولا يخفى عليك، وعلى كل حال فقد اكتفى منهم بتوحيد الربوبية، ولو لم يكونا متلازمين لطلب إقرارهم بتوحيد الألوهية أيضا.
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»