عليكم الدنيا فتنافسوها) إلى آخره ما أنتم إلا مناوئون مكذبون للذي لا ينطق عن الهوى في قوله: هذا بحكمكم على أمته صلى الله تعالى عليه وسلم بالشرك الذي لا يخافه عليهم واستباحتكم دماءهم وأموالهم.
ونقول له أيضا: يكفينا الظن وتحسين الظن بعامة المسلمين مطلوب شرعا فيكف بالخاصة الصالحين منهم، وأما الجزم الذي تريده فلم يقله أحد من العلماء.
ثم قال السائل: وإن من المجازفة أن تزيد على حسن الظن فيمن لم يرد فيهم شهادة من المعصوم، ونحن نقول له: إن من المجازفة أن تسئ الظن بمن لم يرد فيهم ذم عن المعصوم، خصوصا من ظهرت عليه علامات الخير والصلاح أو ظهرت له كرامات في حياته وبعد مماته، وتجويز أن يكون قد تغير حاله هو من سوء الظن بالمسلمين بل بالله تعالى كما أنه عقوق للآباء والأجداد، وما معنى الزيادة التي زدتها حضرتك، وليس ذلك كله إلا أثرا لحسن الظن ومبنيا عليه.
ثم قال السائل: وكم أكون مسرورا جدا إذا عثرت لنا على نص صريح في هذا النوع من الوسيلة.
وأقول: ذكرنا من الأدلة العقلية والنقلية الشئ الكثير وقد كان يكفيه حديث واحد على ما يقول.
وقد قلنا إن من يثبت الحياة والإدراك والعلم الأرواح ثم يمنع التوسل والاستغاثة بها متناقض غاية التناقض قاطع للملزوم عن لوازمه، وقد ذكرنا إجماع الأئمة على التوسل به صلى الله تعالى عليه وسلم عند زيارته ولو لم يكن في الموضوع إلا حديث عثمان بن حنيف لكان كافيا شافيا، وعلى الجملة فقد أجمعت الشرائع كلها والفلاسفة الأقدمون والفلاسفة العصريون، أو نقول المسلمون والأوروبيون والأمريكيون والهندوس على إثبات الحياة ولوازمها للأرواح، وعلى أن لها من الاطلاق وسعة التصرف ما لم يكن لها حال حياته في هذا العالم، وهو عين ما قرره ابن القيم في كتاب الروح، اسأل الله تعالى أن يزيل عنا حجاب المادة وكثافة الطبيعة وظلمة الأشباح بمنه وكرمه.
يوسف الدجوي من هيئة كبار العلماء بالأزهر