يعطلون المساجد ويعظمون المشاهد، يدعون بيوت الله التي أمر أن يذكر فيها اسمه ويعبد وحده لا شريك له، ويعظمون المشاهد التي يشرك فيها ويكذب فيها ويبتدع فيها ما لم ينزل الله به سلطانا فإن الكتاب والسنة إنما فيهما ذكر المساجد دون المشاهد كما قال الله تعالى: (قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين).
وقال الله تعالى: (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة: الآية)، وقال الله تعالى: (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا)، وقال الله تعالى: (ولا تباشر وهن وأنتم عاكفون في المساجد)، وقال الله تعالى: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها الآية).
وقد ثبت عنه في الصحيح أنه كان يقول: (إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) والله سبحانه وتعالى أعلم، كتبه أحمد بن تيمية.
قال الإمام المحقق: هذا صورة خطه من أول الجواب إلى هنا.
(إبطال العلامة المحقق السبكي لجل هذه الفتوى) قال قلت أما قوله: (من سافر لمجرد زيارة قبور الأنبياء والصالحين فهل يجوز له قصر الصلاة على قولين معروفين)، فيرد عليه فيه أسئلة:
(أحدها) أن زيارة قبور الأنبياء والصالحين إما أن تكون عنده قربة أو مباحة أو معصية، فإن كانت معصية فلا حاجة إلى قوله (مجرد) فإن القولين في سفر المعصية سواء، تجرد قصد المعصية أم انضم إليه قصد آخر، وإن كانت قربة لم يجر فيها القولان بل يقصر بلا خلاف، وإن كانت مباحة فالمسافر لذلك له حالتان إحداهما أن يسافر معتقدا أن ذلك من المباحات المستوية الطرفين فيجوز القصر أيضا بلا خلاف ولا إشكال في ذلك كالسفر لسائر الأمور المباحة، والثانية: أن يسافر معتقدا أن ذلك قربة وطاعة وهذا سيأتي الكلام فيه وعلى تقدير أن يسلم له ما يقول يكون كلامه هنا مطلقا في موضع