يؤدي إلى الشرك، وهذا تخيل باطل، لأن اتخاذ القبور مساجد والعكوف عليها وتصوير الصور فيها هو المؤدي إلى الشرك، وهو الممنوع منه، كما ورد في الأحاديث الصحيحة، كقوله صلى الله تعالى عليه وسلم: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، (يحذر ما صنعوا)، وقوله صلى الله تعال عليه وسلم لما أخبر بكنيسة بأرض الحبشة: (وأولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ثم صوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله).
وأما الزيارة والدعاء والسلام فلا تؤدي إلى ذلك، ولذلك شرعه الله على لسان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لما ثبت من الأحاديث المتقدمة عنه صلى الله تعالى عليه وسلم قولا وفعلا وتواتر واجما الأمة عليه، فلو كانت زيارة القبور من التعظيم المؤدي إلى الشرك كالتصوير ونحوه لم يشرعها الله تعالى في حق أحد من الصالحين، ولا فعلها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم والصحابة في حق شهداء أحد والبقيع وغيرهم، وليس لنا أن نحرم إلا ما حرمه الله وإن تخيلنا أنه يفضي إلى محذور، ولا نبيح إلا ما أباحه الله وإن تخيلنا أنه لا يفضي إلى محذور، ولما أباح الزيارة وشرعها وسنها رسوله وحظر اتخاذ القبور مساجد وتصوير الصور عليها، قلنا بإباحة الزيارة، ومشروعيتها وتحريم اتخاذ القبور مساجد والتصوير فمن قاس الزيارة على التصوير في التحريم كان مخالفا للنص.
قياس ابن تيمية زيارة القبور في التحريم على التصوير فاسد كما أن شخصا لو قال بإباحة اتخاذ القبور مساجد إذا لم يفض إلى الشرك كان مخالفا للنص أيضا، والوسائل التي لا يتحقق بها المقصود ليس لنا أن نجري حكم المقصود عليها إلا بنص من الشارع، فإن هذا من باب سد الذرائع الذي لم يقم عليه دليل، فالمفضي إلى الشرك حرام بلا إشكال، وأما الأمور التي قد تؤدي إليه وقد لا تؤدي فما حرمه الشرع منها كان حراما وما لم يحرمه كان مباحا لعدم استلزامه للمحذور، وهذه الأمور التي نحن فيها من هذا القبيل، حرم الشرع منها اتخاذ القبور مساجد