يسألون ميتا ولا غائبا ولا يستغيثون بميت ولا غائب سواء كان نبيا أو غير نبي بل كان فضلاؤهم لا يسألون غير الله شيئا إ ه ما أردت نقله من كلام ابن تيمية رحمه الله من خطه وأنا عارف بخطه.
(إبطال العلامة المحقق أبي الحسن السبكي لها) قال: وهو يدل على ما ذكرناه من أن نزاعه في السفر والزيارة جميعا غير أنه كلام مختبط في صدره ما يقتضي منع الزيارة مطلقا وفي آخره ما يقتضي أنها إن كانت للسلام عليه والدعاء له جازت، وإن كانت على النوع الآخر الذي ذكره لم تجز، وبقي قسم لم يذكره وهو أن تكون للتبرك به من غير إشراك به، فهذه ثلاثة أقسام:
أولها السلام والدعاء له وقد سلم جوازه وأنه شرعي، ويلزمه أن يسلم جواز السفر له، فإن فرق في هذا القسم بين أصل الزيارة وبين السفر محتجا بالحديث المذكور فقد سبق جوابه.
والقسم الثاني التبرك به والدعاء عنده للزائر، وهذا القسم يظهر من فحوى كلام ابن تيمية أنه يلحقه بالقسم الثالث ولا دليل له على ذلك بل نحن نقطع ببطلان كلامه فيه. وإن المعلوم من الدين وسير السلف الصالحين التبرك ببعض الموتى من الصالحين فكيف بالأنبياء والمرسلين؟، ومن ادعى أن قبور الأنبياء وغيرهم من أموات المسلمين سواء فقد أتى أمرا عظيما نقطع ببطلانه وخطئه فيه، وفيه حط لرتبة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إلى درجة من سواه من المسلمين، وذلك كفر متيقن فإن من حط رتبة النبي صلى الله عليه وسلم عما يجب له فقد كفر.
(فإن قال) إن هذا ليس بحط ولكنه منع من التعظيم فوق ما يجب له، (قلت) هذا جهل وسوء أدب وقد تقدم في أول الباب الخامس الكلام في ذلك، ونحن نقطع بأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يستحق من التعظيم أكثر من هذا المقدار في حياته وبعد موته، ولا يرتاب في ذلك من كان في قلبه شئ من الإيمان.