ذلك على وجه التقرب به إلى الله عز وجل، ومن تأخر عنه من المسلمين فإنما يتأخر بعجز أو تعويق المقادير مع تأسفه على ووده لو تيسر له، ومن ادعى أن هذا الجمع العظيم مجمعون على خطأ فهو المخطئ.
(فإن قلت) إن هذا لا يسلمه الخصم لجواز أن يكون سفرهم ضم فيه قصد عبادة أخرى إلى الزيارة بل هو الظاهر = كما ذكر كثير من المصنفين في المناسك = أنه ينبغي أن ينوي مع زيارته التقرب بالتوجه إلى مسجده صلى الله عليه وسلم والصلاة فيه، والخصم ما أنكر أصل الزيارة إنما أراد أن يبين كيفية الزيارة المستحبة وهي أن يضم إليها قصد المسجد كما قاله غيره. (قلت) أما المنازعة فيما يقصده الناس، فمن أنصف من نفسه وعرف ما الناس عليه علم أنهم إنما يقصدون بسفرهم الزيارة من حين يعرجون إلى طريق المدينة ولا يخطر غير الزيارة من القربات إلا ببال قليل منهم، نم مع ذلك وهو مغمور بالنسبة إلى الزيارة في حق هذا القليل، وغرضهم الأعظم هو الزيارة، حتى لو لم يكن ربما لم يسافروا، فالمقصود الأعظم في المدينة الزيارة، كما أن المقصود الأعظم في مكة الحج أو العمرة وهو المقصود أو معظم المقصود من التوجه إليها، وإنكار هذا مكابرة، وصاحب هذا السؤال إن شك في نفسه فليسأل كل من توجه إلى المدينة ما قصد بذلك؟.
(5): إن وسيلة القربة قربة، فإن قواعد الشرع كلها تشهد بأن الوسائل معتبرة بالمقاصد إ ه. ثم أفاض في هذا الوجه بأحاديث كثيرة وآيتين كلها دالة على أو وسيلة القربة قربة، ثم قال: (فإن قلت) قد يقول الخصم الزيارة قربة في حق القريب خاصة، أما البعيد الذي يحتاج إلى سفر فلا وحينئذ لا يكون السفر إليها وسيلة إلى قربة في حقه، وإنما تكون الوسيلة قربة إذا كانت يتوصل بها إلى قربة مطلوبة من ذلك الشخص المتوسل (قلت) الزيارة قربة مطلقا في حق القريب والبعيد، فإن الأدلة الدالة عليها غير مفصلة، ومن ادعى تخصيص العام بغير دليل قطعنا بخطئه.
(فإن قلت) فالصلاة مطلقا قربة والسفر إليها ليس بقربة إلا إلى المساجد الثلاثة، (قلت) قد يكون الشئ قربة وانضمامه إلى غيره ليس بقربة، فالصلاة في نفسها قربة، وكونها في مسجد بعينه غير الثلاثة ليس بقربة، فالسفر إليه وسيلة إلى ما ليس بقربة.
(فإن قلت) لو كانت وسيلة القربة قربة مطلقا لكان النذر قربة لأنه وسيلة إلى