التوسل بالنبي (ص) وجهلة الوهابيون - أبي حامد بن مرزوق - الصفحة ١٠١
ومن المعلوم أن المتوسل لم يطلب إلا من الله تعالى بمنزلة هذا النبي أو الولي، ولا شك في أن لهما منزلة عند الله تعالى في الحياة وبعد الممات.
فإن تشبث متشبث بأن الله أقرب إلينا من حبل الوريد فلا يحتاج إلى واسطة، قلنا له: (حفظت شيئا وغابت عنك أشياء...)، فإن رأيك هذا يلزمه ترك الأسباب والوسائط في كل شئ، مع أن العالم مبني على الحكمة التي وضعت الأسباب والمسببات في كل شئ، ويلزمه عدم الشفاعة يوم القيامة وهي معلومة من الدين بالضرورة، فإنها على هذا الرأي لا حاجة إليها، إذ لا يحتاج سبحانه وتعالى إلى واسطة فإنه أقرب من الواسطة.
ويلزم خطأ عمر بن الخطاب في قوله: (إنا نتوسل إليك بعم نبيك العباس الخ..)، وعلى الجملة يلزم سد باب الأسباب والمسببات والوسائل والوسائط، وهو خلاف السنة الإلهية التي قام عليها بناء هذه العوالم كلها من أولها إلى آخرها، ولزمهم على هذا التقدير أن يكونوا داخلين فيما حكموا به على المسلمين، فإنه لا يمكنهم أن يدعوا الأسباب أو يتركوا الوسائط بل هم أشد الناس تعلقا واعتمادا عليها.
ولا يفوتنا أن نقول: إن التفرقة بين الحي والميت في هذا المقام لا معنى لها فإن المتوسل لم يطلب شيئا من الميت أصلا، وإنما طلب من الله متوسلا إليه بكرامة هذا الميت عنده أو محبته له أو نحو ذلك، فهل في هذا كله تأليه للميت أو عبادة له، أم هو حق لا مرية فيه، ولكنهم قوم يجازفون ولا يحققون كيف وجواز التوسل بل حسنه معلوم عند جميع المسلمين.
وانظر كتب المذاهب الأربعة (حتى مذهب الحنابلة) في آداب زيارته صلى الله عليه وسلم تجدهم قد استحبوا التوسل به إلى الله تعالى، حتى جاء ابن تيمية فخرق الاجماع وصادم المركوز في الفطر مخالفا في ذلك العقل والنقل إه‍.
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»