وقال تعالى في بيان اعتقادهم في الأصنام: (وما نرى معكم شفعاء كم الدين زعمتم أنهم فيكم شركاء)، فذكر أنهم يعتقدون أنهم شركاء فيهم، ومن ذلك قول أبي سفيان يوم أحد: (اعل هبل)، فأجابه صلى الله عليه وسلم بقوله: (الله أعلى وأجل).
فانظر إلى هذا ثم قل لي ماذا ترى في ذلك التوحيد الذي ينسبه إليهم ابن تيمية ويقول إنهم فيه مثل المسلمين سواء بسواء وإنما افترقوا بتوحيد الألوهية؟.
وأدل من ذلك كله قوله تعالى: (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم)، إلى غير ذلك مما يطول شرحه.
فهل ترى لهم توحيدا بعد ذلك يصح أن يقال فيه إنه عقيدة؟.
أما التيميون فيقولون بعد هذا كله أنهم موحدون توحيد الربوبية، وأن الرسل لم يقاتلوهم إلا على توحيد الألوهية الذي لم يكفروا إلا بتركه، ولا أدري ما معنى هذا الحصر مع أنهم كذبوا الأنبياء وردوا ما أنزل عليهم واستحلوا المحرمات وأنكروا البعث واليوم الآخر وزعموا أن الله صاحبة وولدا وأن الملائكة بنات الله (ألا إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله وإنهم لكاذبون)، ولذلك كله لم يقاتلهم عليه الرسل = في رأي هؤلاء = وإنما قاتلوهم على عدم توحيد الألوهية = كما يزعمون = وهم بعد ذلك مثل المسلمين سواء بسواء أو المسلمون أكفر منهم في رأي ابن عبد الوهاب.
وما علينا من ذلك كله، ولكن نقول لهم بعد هذا على فرض أن هناك فرقا بين توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية = كما يزعمون = فالتوسل لا ينافي توحيد الألوهية فإنه ليس من العبادة في شئ لا لغة ولا شرعا ولا عرفا، ولم يقل أحد إن النداء أو التوسل بالصالحين عبادة، ولا أخبرنا الرسول صلى الله تعالى وسلم بذلك، ولو كان عبادة أو شبه عبادة لم يجز بالحي ولا بالميت.