جمع من العلماء إن صح النقل مجوزا لإتلاف كتبه المملوكة للغير بغير إذنه. على أننا لم نسمع تحريمه عمن يصح أن يعتمد على علمه سوى ما حكاه صاحب السلم عن بعض الجامدين بقوله:
فابن الصلاح والنواوي حرما * وقال قوم ينبغي أن يعلما واعتذار صاحب المنار في الحاشية بقوله إنما حرموا بعض كتب المنطق القديمة الممزوجة بالفلسفة اليونانية الباطلة دون ما ألفه المسلمون، غير مجد لأن الكتب القديمة لا وجود لها حتى نشغل أنفسنا بتحريمها وتحليلها وكلام صاحب السلم كالصريح في عدم هذا التقييد والاعتذار عن إتلاف كتب أهل الطائف المساكين كالاعتذار عن قتل نفوسهم البريئة ونهبهم وسلبهم وتعذيبهم بأنه وقع من البدو الجاهلين فهو كالذي وقع من خالد بن الوليد وقال (ص) اللهم إني أبرأ إليك مما فعله خالد. وهؤلاء البدو هم الذين تسمونهم غزو الموحدين وهذه أفعالهم مع المسلمين وما يفيد زجركم لهم بعد خراب البصرة وذهاب النفوس والأموال بأيدي غزو الموحدين وإذا كان هذا فعلهم في كتب لا يعلمون ما هي ولا نفع لهم فيها فما حال النفوس والأموال التي وقعت في مخالبهم.
الثالث: في كتاب (القديم والحديث) للكاتب الشهير محمد كرد علي الدمشقي من جملة مقال له في الوهابيين (1) ما لفظه: ورسالة عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب التي كتبها حين فتح الحرمين الشريفين شاهدة عدل على أنه برئ من تلك الافتراءات التي افتروها على عقائده وعقائد أبيه وبنوا عليها تلك الزلازل والقلاقل وأن مذهبه عين مذهب الأئمة المحدثين والسلف الصالحين وتلك الرسالة منقولة في إتحاف النبلاء من شاء الاطلاع عليها فليرجع إليها. (إلى أن قال): قال أحمد سعيد البغدادي في كتابه نديم الأدب: حقيقة هذه الطائفة أنها حنبلية المذهب وجميع ما ذكره المؤرخون عنها من جهة الاعتقاد محرف وفيه تناقض كلي لمن اطلع عليها بتأمل لأن غالب مؤرخي الشرقيين ينقلون عن الكتب الإفرنجية فأن كان المنقول عنه صاحب دراية مصدق تجد أن من يترجم كتابه يجعل الترجمة على قدر اللفظ فيضيع مزية الأصل وإن كان غير صادق الرواية فمن باب أولى ومن أراد أن يعرف جليا اعتقاد هذه الطائفة فليطالع كتب مذهب الإمام أحمد بن حنبل " رض " فإنه مذهبهم " انتهى ".