في البر وقالوا إنه فساد في الأرض ولم يستشكلوا في قتل الصحابي المسلم الصائم في شهر رمضان وفي عنقه قرآن لأنه لم يوافقهم على تكفير علي بن أبي طالب وقتل زوجته معه وهي حامل وبقر بطنها. " وإذا " كانوا بكل هذا الورع في التوقف عن حكم التلغراف فهلا توقفوا عن استباحة دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم وإخافة السبيل وكفروهم تقليدا لرجل يجوز عليه الخطأ. وتكفير المسلم عظيم كاستباحة ماله ودمه وعرضه واستندوا في ذلك إلى أمور اجتهادية يكثر فيها الخطأ وأدلة وأخبار ظنية قابلة للصدق والكذب فلو كانوا أهل ورع حقيقة كما يزعمون للزمهم أن يفاوضوا علماء المسلمين المنتشرين في أقطار الأرض ويباحثوهم ويجادلوهم بالإنصاف لا بالبنادق ويعقدوا مجتمعا عاما إسلاميا ويبسطوا المسائل المتنازع فيها على بساط البحث ويحكموا بينهم الكتاب والسنة المسلمة بين الكل حتى ينظروا لمن يكون الفلج لا أن ينحازوا في بادية نجد بين أعطان الإبل ويصدروا الفتاوى استنادا إلى أقوال تلقوها من أسلافهم الذين يجوز عليهم الخطأ يتوارثها اللاحق من السابق ولا يحيد عنها قيد شبر ثم يجبروا الناس على اتباعها بالسيف والسنان شاءوا أو أبو اعتقدوا أو لا (ما هكذا تورد يا سعد الإبل) وإذا لم يريدوا ذلك فليتركوا للناس اجتهادهم فإن مسائلهم التي خالفوا فيها المسلمين ليست ضرورية بل اجتهادية للبحث فيها والتأويل مجال ولم ينزل عليهم بها وحي ولا شافههم بها نبي وإنما أخذوها من أشياء زعموا دلالتها وعند غيرهم ما ينفيها ويمنع دلالتها.
وكذلك فتواهم الجزافية في حق أهل البيت الطاهر الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا الذين دخلوا مدينة العلم النبوي من بابها وتمسكوا بالثقلين كما أمرهم نبيهم، ونبزهم بالرافضة، من شيعة الأحساء والقطيف من رعايا سلطانهم وشيعة العراق الذين يدخلون بلاد نجد، لمخالفتهم لهم في أمور اجتهادية يشاركهم في أكثرها سائر المسلمين ويحتمل في حق كل أحد فيها الإصابة والخطأ فالمصيب مأجور والمخطئ مع عدم تقصيره معذور مثل دعاء الصالحين وإقامة المآتم وزيارة المشاهد وليست من ضروريات الدين كوجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج فكيف يجبرون على البيعة على الإسلام وهم مسلمون يقرون لله بالوحدانية ولنبيه بالرسالة ويلتزمون بجميع ما جاء به من عند ربه مما اتفق عليه جميع المسلمين ويرجعون فيما اختلفوا فيه إلى أقوال أئمة أهل البيت الذين إن لم يكونوا فوق الأئمة الأربعة وفوق ابن عبد الوهاب في العلم فليسوا دونهم وكيف يمنعون