فلما جاء الإذن علقها نحو العامين ثم جاءت من الخليفة ستارة من الإبريسم البنفسجي عليها الطرز والجامات البيض المرقومة وعلى دوران جاماتها أسماء الخلفاء الأربعة وعلى طرازها اسم المستضئ فبعث الأولى إلى مشهد علي ووضعت هذه مكانها ثم أرسل الإمام الناصر ستارة من الإبريسم الأسود وطرزها وجاماتها من الإبريسم الأبيض فعلقت فوقها وبعد أن حجت أم الخليفة أرسلت ستارة من الإبريسم الأسود على شكل الأولى فعلقت فوقها فصارت ثلاثا " انتهى ما حكاه عن ابن النجار " قال وهو يقتضي أن ابن أبي الهيجاء أول من كسى الحجرة وفي كلام رزين أنه لما حج الرشيد ومعه الخيزران أمرت بتخليق مسجد النبي " ص " وتخليق القبر وكسته الزنانير وشبائك الحرير.
وأما قناديل الذهب والفضة وغيرها التي تعلق حول الحجرة الشريفة ففي وفاء الوفا أنه لم ير في كلام أحد ابتداء حدوث ذلك قال إلا أن ابن النجار قال وفي سقف المسجد الذي بين القبلة والحجرة على رأس الزوار إذا وقفوا معلق نيف وأربعون قنديلا كبارا وصغارا من الفضة المنقوشة والساذجة واثنان بلور وواحد ذهب وفيها قمر من فضة مغموس في الذهب وهذه تنفذ من الملوك وأرباب الحشمة والأموال. وقال السمهودي: واستمر عمل الملوك وأرباب الحشمة إلى زماننا هذا على الاهداء إلى الحجرة الشريفة قناديل الذهب والفضة ثم ذكر السمهودي حال ما يهدى من القناديل وعدده وما جرى له مفصلا مما يطول بذكره الكلام وإن بعض أمراء المدينة لما أراد أخذ شئ منه أقام الناس عليه النكير (وقال أيضا) وأما حكم هذه المعاليق ونحوها من تحلية الصندوق والقائم الذي بأعلاه فحكم معاليق الكعبة الشريفة وتحليتها ثم نقل عن السبكي أنه قال وأما الحجرة الشريفة فتعليق القناديل فيها أمر معتاد من زمان ولا شك أنها أولى بذلك من غيرها وكم من عالم وصالح قد أتى للزيارة ولم يحصل من أحد إنكار لذلك فلهذا وحده كاف في جواز ذلك واستقراء الأدلة فلم يوجد فيها ما يدل على المنع ولم نر أحدا قال بالمنع فما وقف من ذلك إكراما لذلك المكان صح وقفه وإن اقتصر على إهدائه صح أيضا كالمهدى للكعبة وكذا المنذور له " انتهى " * الفصل السابع عشر في زيارة القبور * وقد منع ابن تيمية من زيارة النبي " ص " وحرمها مطلقا مع شد الرحال وبدونه فضلا عن زيارة غيره. حكى ذلك عنه القسطلاني في إرشاد الساري وابن حجر الهيتمي في