هذه القبة المذكورة قال وقصد خيرا وتحصيل ثواب (انتهى) (أقول) ولم ينقل عن أحد من أهل العلم والدين الذين كانوا في زمانه أنهم أنكروا ذلك لكون البناء على القبور وعقد القباب عليها شركا أو محرما وكانت البلاد الإسلامية سيما الحرمين الشريفين غاصة بالعلماء " أما " ما حكاه السمهودي في وفاء الوفا من قول بعضهم أنه أساء الأدب بعلو النجارين ودق الخشب فخارج عن المقام إن لم يكن مؤيدا لما نقوله من وجوب احترام قبر النبي (ص) ومخالفا لما تقوله الوهابية أو هو لازم قولهم من سقوط حرمة قبره (ص) مع أن هذا القول جمود وغباوة من قائله لأن علو النجارين ودق الخشب ليس فيه قلة احترام للمرقد الشريف لأنه مقدمة وواسطة لإعلاء شأنه ورفع مناره فهو عين الاعظام والاحترام مع أن الضرورات تبيح المحذورات فما هو إلا كصعود أمير المؤمنين علي عليه السلام على منكب النبي (ص) يوم فتح مكة لإلقاء الأصنام عن ظهر الكعبة. ولو كان ذلك منافيا للأدب لما أوصى الصاحبان أن يدفنا بجنب النبي (ص) ولما نفذ الصحابة هذه الوصية مع استلزامها الضرب بالمساحي والمعاول والدق العنيف بجنب القبر الشريف مع أن أم المؤمنين كانت تسمع صوت الوتد والمسمار يضرب في بعض الدور المطيفة بالمسجد فترسل إليهم لا تؤذوا رسول الله (ص) كما مر في هذا الفصل وسيأتي عن كتاب تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة إن باني هذه القبة قلاوون الصالحي ولعل الاشتباه حصل من بنائها في أيامه (قال السمهودي) وقد جددت في أيام الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون فاختلت الألواح الرصاص عن وضعها فخشوا من كثرة الأمطار فجددت وأحكمت في أيام الملك الأشرف شعبان بن حسين بن محمد سنة 765 وقال قبل ذلك أنه حصل خلل في سقف الروضة الشريفة وسقف المسجد في دولة الظاهر جقمق فجدد ذلك في سنة 853 وما قبلها على يد الأمير برد بك الناصر المعمار وغيره (قال) وظهر في بعض أخشابها خلل سنة 881 فعضدها متولي العمارة الشمس بن الزمن بأخشاب سمرت معها وقلع ما حولها من ألواح الرصاص التي على أعلى السطح بينها وبين الدرابزين المتقدم ذكره فوجدوا الأخشاب حولها قد تأكلت فأصلحوها وأعادوا الألواح وأضافوا إليها كثيرا من الرصاص وجددوا الدرابزين وكانت مياه الأمطار تتسرب من بين تلك الألواح وتصل إلى سقف الحجرة الشريفة وأثرت في الشباك الذي بأعلى حائز عمر بن عبد العزيز فتأكل بعضه فأصلحه وفي الستارة التي على سقف الحجرة الشريفة فتأكل بعضها " وذكر "
(٣١٩)