فلما استخفوا بأمر الدين ولم يستقيموا كما حدث في أواخر بني العباس نقله الله تعالى منهم إلى بني عثمان لما أنهم كانوا أحق به من أولئك المستعفين وأحرص على صيانة دين الله وتنفيذ أحكام شريعته وهذا من جملة معجزاته صلى الله عليه وسلم فإن في الحديث أخبارا عن المستقبل بما تم فيه على أن حديث السمع الطاعة ولو عبدا حبشيا مؤيد بما يدل عليه ظاهر الآية من العموم كما مر آنفا بخلاف هذا الحديث إذ ليس له من مؤيد.
* (طاعة أولي الأمر) * (من كان يؤمن بالنبي محمد * وبما أتي في منزل القرآن) (علم اليقين بأنه في دينه * وحببت عليه طاعة السلطان) لا يخفى على من تبصر وأمعن النظر. واتبع الأثر وأذعن للخبر. إن نصب الإمام واجب ليقوم بمصالح المسلمين كسد الثغور وتجهيز الجيوش وقهر المتغلبة والمتلصصة وقطاع الطريق وزجر منتهكي حرمات الله تعالى وقطع المنازعات الواقعة بين الخصوم وحفظ مصالح الناس الدينية والدنيوية فلولا الإمام الأعظم لما ازدجر الناس عن ركوب المظالم ولا نفذت أحكامهم ولا أقيمت حدودهم وقد أجمع الصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم علي نصبه حتى جعلوه أهم الواجبات وقدموه على دفنه صلى الله عليه وسلم ولم تزل الناس في كل عصر على ذلك ويؤيده أيضا عدة أحاديث منها قوله عليه الصلاة والسلام (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) ورب ما رق يقول إن الشارع لم ينص على الأمر باتخاذ الإمام فمن أين يكون واجبا فنجيب أن الله تعالى أمرنا بإقامة الدين ولا سبيل إلى إقامته إلا بوجود الأمان