هذا العصر عليها فاخرا. وفاز بسبق أوائلها وإن جاء آخرا. وليس ذلك إلا لحظوته بالدولة الحميدية التي كسته حبرا. وقلدته دررا. ودونت له في المحامد سيرا. وجعلت في كل ناحية من وجهه شمسا وقمرا (وإن إمام المسلمين لوابل * به الأرض تحيا والعباد تنعم) (له من جلال الله عز وهيبة * ومن نصره جند به البغي يصدم) (ملاذ الورى أكبر به من خليفة * به الملك ما شاء العلى يتقدم) أن من نبذ الحسد جانبا ونظر إلى الملك نظر منصف رأى لمعالمه في هذا العصر الحميدي تقدما ولربوعه عمرانا لم يكن يحلم بهما السلف أما معالم الدين كالمساجد فقد ربا ما أنشأه وشيده منها في كل بلد من بلاد المسلمين على ما جدد بنيانه بعد الاندراس بأضعاف مضاعفة عدد التكايا والرباطات التي يأوي إليها مشايخ الأمة وزهاد وعبادها لإقامة ذكر الله آناء الليل وأطراف النهار وأجري عليها وعلى أصحابها جرايات تضمن بقاءها وتكفل حفظ نظامها إلى ما شاء الله تعالى ومن مآثره الحميدة أيده الله تعالى تأسيس المستشفيات والمارستانات يأوي إليها من عبثت ببدنه الأمراض من الغرباء والفقراء أصحاب العاهات من غير نظر إلى اختلاف أديانهم وتابعيتهم فترى إذا قدم بلاده المحروسة غريب قد أنهكه في سفرته مرض وحد من فضله ملجأ يلتجئ إليه وأطباء يداوونه وخداما يخدمونه حتى إذا صح جسده وعاد إليه ذاهب قوته رجع إلى بلاده شاكرا. ولما شاهده من الإحسان ذاكرا. ذلك عدا ما شيده من الملاجئ للفقراء والمساكين والأرامل والعاجزين ومنها إحياء معالم العلم بتوفير مدارسه وتشييدها. وتكثر مغارسه
(١٢)