الفجر الصادق - جميل صدقى الزهاوي - الصفحة ٥
رجح هذا التعريف جماعة من العلماء واعترض عليه بأنه غير مانع لشموله النبوة والأولى أن يقال هي خلافة الرسول عليه الصلاة والسلام في إقامة الدين وقضاء مصالح الدنيا وتدبير شؤنها بحيث يجب اتباعه على كافة الأمة لا يشترط في الإمام كونه معصوما ولا علويا ولا قرشيا خلافا لبعض الفرق لنا أما عقلا فإن الإمامة على كلا تعريفيها المارين عامة فلا معنى لاختصاصها بقريش وإلا كان اهتضاما لحق القسم الأكبر من المسلمين وقد جعلهم الإسلام إخوانا وساوى بين أفرادهم حتى في أحقر الأمور فكيف في هذا الأمر الجلل والمطلب الأهم قال تعالى (إنما المؤمنون إخوة) وهذه الأخوة دينية ودنيوية وهي لا تتم إلا بتساويهم فيما لهم وما عليهم من الحقوق وأيضا فمن الواضح البين أن الإمامة خلافة ونيابة عن النبوة فكما أن النبوة عامة في البشر لم يخصها الله تعالى بصنف من الناس دون آخرين كذلك الإمامة لا تختص بقوم من المسلمين دون غيرهم منهم إلا أن الفرق كما تراه في التمتيل هو كون النبوة تعم كافة صنوف البشر والإمامة تعم كافة أقوام المسلمين وأما نقلا فقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) والمقصود بقوله أولي الأمر هم الأمراء والعلماء كما سنقرره فيما يأتي والخطاب في قوله منكم عام لكافة المؤمنين بدليل قوله يا أيها الذين آمنوا وفي هذه الآية سر آخر وهو أنه لما كان بين طاعة الله وطاعة رسوله فرق من حيث أن الله تعالى خالق والرسول مخلوق أعاد سبحانه الأمر فقال تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وفي التأكيد المفهوم من هذا التكرار رمز إلى هذا الفرق فكأنه جل جلالة قال أطيعوا رسولي كما تطيعوني ولا تنظروا إلى الفرق بين الخالق والمخلوق ولكن لما لم
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»