الفجر الصادق - جميل صدقى الزهاوي - الصفحة ٦
يكن بين الرسول وأولي الأمر فرق من حيث المخلوقية وكان أولو الأمر خلفاء الرسول ونوابه على المسلمين كانت طاعتهم عين طاعته من كل وجه ولذلك لم يعد جل جلاله الأمر فلم يقل وأطيعوا أولي الأمر منكم كما قال وأطيعوا الرسول * ومن الأدلة السمعية قوله عليه الصلاة والسلام (السمع والطاعة ولو عبدا حبشيا) فإنه يدل صريحا على أن الإمام لا يجب أن يكون قرشيا قال المخالفون هذا الحديث فيمن أمره الإمام على سرية أو ناحية ويجب حمله على هذا دفعا للتعارض بينه وبين الإجماع ولكون مخالفا لحديث (الأئمة من قريش) فنقول في الجواب أما كون الحديث فيمن أمره الإمام على سرية أو ناحية فمخالف لما في ظاهر الحديث من العموم وأما الإجماع فغير مسلم كيف وقد تأمر في القرون الغابرة كثير من الخلفاء ولم يكونوا قرشيين بدون إنكار أحد من علماء وقتهم عليهم بل كان الإجماع حينئذ على إمامتهم وأما قول المخالفين إن المقصود الإجماع هو إجماع الصدر الأول من المسلمين فتحكم وتخصص بدون مخصص كيف لا ولو لم يكن الإجماع في كل عصر لما انحسم ما يحدث كل يوم من مهام الأمور بحسب تجدد الزمان مما لم يصرح بحكمه في الكتاب والسنة وأما الحديث الأئمة من قريش فلفظه على الأصح إن هذا الأمر في قريش ما أطاعوا الله واستقاموا كما ذكره محمد بن إسحاق في كتابه الكبير عند ذكره قصة سقيفة بني ساعدة ففي هذا الحديث قد أخبر صلى الله عليه وسلم أن الخلافة دائمة في قريش ما داموا على طاعة الله واستمروا على الاستقامة ومفهومه أنهم عند عدم استقامتهم ينقلها الله تعالى منهم إلى من هم أحق بها فكان الأمر كما أخبر صلى الله عليه وسلم باقيا في قريش ما استقاموا
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»