الفجر الصادق - جميل صدقى الزهاوي - الصفحة ٢٧
في السماء ويدعي أن نزوله إلى السماء الدنيا حقيقي فيجسمه تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا فأين تنزيه الله تعالى بعد جعله سبحانه جسما يشترك فيه معه حتى أخس الجمادات وفي ذلك من النقص والإزراء بألوهيته سبحانه ما هو منزه عنه ومن عظيم سفهه أنه لما رأى العقل مخالفا لجميع ما يدعيه خلع الحياء فعطل العقل ولم يحكمه في شئ وتصدى إلى جعل الناس كالبهائم في أمورهم الدينية وحظر عليهم استعمال العقل فيها مع أنه لا منافاة بين العقل والدين بل كلما ارتقت العقول في مدارج الكمال ظهرت لها مزايا الدين وتجلت محاسنه وهل ترى في هذا العصر عصر ارتقاء العقل أشنع من جعله محقرا بوضع الحجر عليه علي أن مدار الدين والتكليف بأحكامه ليس إلا على العقل الذي سقط التكليف عمن عدمه وقد خاطب الله تعالى عباده في مواضع كثيرة من كتابه العزيز بقوله (يا أولي الألباب) تنبيها علي أن معرفة حقائق الدين إنما هي من شأن أولي العقول قد آن لنا أن نذكر ههنا خلاصة ما تمذهبت به الفرقة المارقة الوهابية من الأباطيل ثم نتكلم عليها في المباحث الآتية بما يردها ويدحض حجتها فنقول. قد اشتملت عقيدتهم الباطلة على أمور (الأول) إثبات الوجه واليد والجهة للباري سبحانه وجعله جسما ينزل ويصعد (الثاني) تقديم النقل علي العقل وعدم جواز الرجوع إليه في الأمور الدينية (الثالث) نفي الإجماع وإنكاره (الرابع) نفي القياس (الخامس) عدم جواز التقليد للمجتهدين من أئمة الدين وتكفير من قلدهم (السادس) تكفيرهم لكل من خالفهم من المسلمين (السابع) النهي عن التوسل إلى
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»