الفجر الصادق - جميل صدقى الزهاوي - الصفحة ١٧
واستفحل أمره فخافته البادية وكان يقول للناس ما أدعوكم إلا إلى التوحيد وترك الشرك بالله تعالى في عبادته وكانوا يمشون خلفه حيثما مشى حتى اتسع له الملك أما ولادته فقد كانت سنة 1111 وتوفي سنة 1207 وكان في ابتداء أمره من طلبة العلم يتردد على مكة والمدينة لأخذه عن علمائهما وممن أخذ عنه في المدينة الشيخ محمد بن سليمان الكردي والشيخ محمد حياة السندي وكان الشيخان المذكوران وغيرهما من المشايخ الذين أخذ عنهم يتفرسون فيه الغواية والإلحاد و يقولون سيضل الله تعالى هذا ويضل به من أشقاه من عباده فكان الأمر كذلك وكذا كان أبوه عبد الوهاب وهو من العلماء الصالحين يتفرس فيه الإلحاد ويحذر الناس منه وكذلك أخوه الشيخ سليمان حتى أنه ألف كتابا في الرد على ما أحدثه من البدع والعقائد الزائغة وكان محمد هذا بادئ بدئه كما ذكره بعض كبار المؤلفين مولعا بمطالعة أخبار من ادعي النبوة كاذبا كمسيلمة الكذاب وسجاع والأسود العنسي وطليحة الأسدي وأضرابهم فكان يضمر في نفسه دعوى النبوة إلا أنه لم يتمكن من إظهارها وكان يسمي جماعته من أهل بلده الأنصار ويسمي متابعيه من الخارج المهاجرين وكان يأمر من حج حجة الإسلام قبل اتباعه أن يحج ثانية قائلا إن حجتك الأولى غير مقبولة لأنك حججتها وأنت مشرك ويقول لمن أراد أن يدخل في دينه اشهد على نفسك أنك كنت كافرا واشهد على والديك أنهما ماتا كافرين واشهد على فلان وفلان ويسمي له جماعة من أكابر العلماء الماضين أنهم كانوا كفارا فإن شهد بذلك قبله وإلا أمر بقتله وكان يصرح بتكفير الأمة منذ ستمائة سنة ويكفر كل من لا يتبعه وإن كان من أتقى المسلمين ويسميهم
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»