النبي صلى الله عليه وسلم وشيبه والله تعالى يستحي من ذي الشيبة المسلم فكيف من عم نبيه صلى الله عليه وسلم ويجيب دعاء المضطر فلذلك استسقى عمر بشيبته فإن قال المخالف أنا لا أمنع التوسل والتشفع لما قدمتم من الآثار والأدلة وإنما أمنع إطلاق التجوه والاستغاثة لأن فيهما إيهام أن المتجوه به والمستغاث به أعلى من المتجوه عليه والمستغاث عليه (قلنا) هذا لا يعتقده مسلم ولا يدل لفظ التجوه والاستغاثة عليه فإن التجوه من الجاه والوجاهة ومعناه علو القدر والمنزلة وقد يتوسل بذي الجاه إلى من هو أعلى جاها منه والاستغاثة طلب الغوث فالمستغيث يطلب من المستغاث به أن يحصل له الغوث من غيره وإن كان أعلى منه فالتوسل والتشفع والتجوه والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء والصالحين ليس لها معنى في قلوب المسلمين غير ذلك ولا يقصد بها أحد منهم سواه فمن لم ينشرح صدره لذلك فليبك على نفسه نسأله العافية وإذا صح المعنى فلا عليك في تسميته توسلا أو تشفعا أو تجوها أو استغاثة ولو سلم أن لفظ الاستغاثة يستدعي النصر على المستغاث منه فالعبد يستغيث على نفسه وهواه والشيطان وغير ذلك مما هو قاطع له عن الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء والصالحين متوسلا بهم إلى الله تعالى ليغيثه على من استغاث منه من النفس وغيرها والمستغاث به في الحقيقة هو الله تعالى والنبي صلى الله عليه وسلم واسطة بينه وبين المستغيث (الحالة الثانية) بعد موته صلى الله عليه وسلم في عرصات القيامة بالشفاعة منه صلى عليه وسلم وذلك مما قام الاجماع عليه وتواترت الأخبار به وسنذكر تفاصيل الشفاعة المجمع عليها والمختلف فيها في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى (الحالة الثالثة) المتوسطة في مدة البرزخ وقد ورد هذا النوع فيها أيضا أنبأنا أبو بكر ابن يوسف بن عبد العظيم المعروف بابن الصباح بقراءتي عليه في المجلدة الحادية عشرة من دلائل النبوة للبيهقي قال أنبأنا أبو الكرم لاحق بن عبد المنعم بن قاسم
(١٤٤)