تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ١٤٦
قال شكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم سوء حفظي للقرآن فقال شيطان يقال له خنزب ادن مني يا عثمان ثم وضع يده على صدري فوجدت بردها بين كتفي وقال أخرج يا شيطان من صدر عثمان قال فما سمعت بعد ذلك شيئا إلا حفظته فانظر أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج للشيطان للعلم بأن ذلك بإذن الله تعالى وخلقه وتيسيره وليس المراد نسبة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الخلق والاستقلال بالأفعال هذا لا يقصده مسلم فصرف الكلام إليه ومنعه من باب التلبيس في الدين والتشويش على عوام الموحدين وإذ قد تحررت هذه الأنواع والأحوال في الطلب من النبي صلى الله عليه وسلم وظهر المعنى فلا عليك في تسميته توسلا أو تشفعا أو استغاثة أو تجوها أو توجها لأن المعنى في جميع ذلك سواء (أما لتشفع) فقد سبق في الأحاديث المتقدمة قول وفد بني فزارة للنبي صلى الله عليه وسلم تشفع لنا إلى ربك وفي حديث الأعمى ما يقتضيه أيضا والتوسل في معناه وأما التوجه والسؤال ففي حديث الأعمى والتجوه في معنى التوجه قال تعالى في حق موسى عليه السلام (وكان عند الله وجيها) وقال في حق عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام (وجيها في الدنيا والآخرة) وقال المفسرون وجيها أي ذا جاه ومنزلة عنده وقال الجوهري في فصل وجه وجيها ذا جاه وقدر وقال الجوهري أيضا في فصل جوه الجاه القدر والمنزلة وفلان ذو جاه وقد أوجهته ووجهته أنا أي جعلته وجيها وقال ابن فارس فلان وجيه ذو جاه إذا عرف ذلك فمعنى تجوه توجه بجاهه وهو منزلته وقدره عند الله تعالى إليه (وأما الاستغاثة) فهي طلب الغوث وتارة يطلب الغوث من خالقه وهو الله تعالى وحده كقوله تعالى إذ تستغيثون ربكم * وتارة يطلب ممن يصح إسناده إليه على سبيل الكسب ومن هذا النوع الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم وفي هذين القسمين تعدى الفعل تارة بنفسه كقوله تعالى إذ تستغيثون ربكم فاستغاثه الذي من شيعته وتارة بحرف الجر كما في كلام النحاة في
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»