تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ١٣٣
في كتاب الجامع قال ابن وهب سئل مالك أين يقف من أراد التسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم من القبر قال عند الزاوية التي تلي القبلة مما يلي المنبر مستقبل القبلة ولا أحب أن يمس القبر بيده إنما قال ذلك لأنه شاهد الناس يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم فاستحب الاقتداء بهم ولا يمس قبره ولا حائطه تعظيما له ولأن ذلك لم يكن عليه فعل من مضى وهذه النسخة يحتمل أن تكون غلطا لأن رواية ابن وهب عن مالك كما تقدم أن المستلم يستقبل القبر لا القبلة ويشهد لها رواية أبي موسى وكلام المالكية ويحتمل أن يكون عنه في ذلك روايتان (إحداهما) كمذهب أبي حنيفة رحمه الله (والأخرى) هي المشهورة ولو ثبت عن مالك وعن غيره أن الأولى استقبال القبلة في الدعاء لا القبر لم يكن في ذلك شئ من منع الزيارة ولا السفر ولا مانعا من تعظيم القبر ومن اعتقد ذلك فقد ضل وكل ما ذكره بعد ذلك تقدم الجواب عنه وأنه لا يدل على مقصوده (الباب الثامن في التوسل والاستغاثة والتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم) إعلم أنه يجوز ويحسن التوسل والاستغاثة والتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه سبحانه وتعالى وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكل ذي دين المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين وسير السلف الصالحين والعلماء والعوام من المسلمين ولم ينكر أحد ذلك من أهل الأديان ولا سمع به في زمن من الأزمان حتى جاء ابن تيمية فتكلم في ذلك بكلام يلبس فيه على الضعفاء الأغمار وابتدع ما لم يسبق إليه في سائر الأعصار ولهذا طعن في الحكاية التي تقدم ذكرها عن مالك فإن فيها قول مالك للمنصور استشفع به ونحن قد بينا صحتها ولذلك أدخلنا الاستغاثة في هذا الكتاب لما يعرض إليها مع الزيارة وحسبك أن إنكار ابن تيمية للاستغاثة
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»