قال لما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أتاه وفد بني فزارة إلى أن قال فقالوا يا رسول الله أسنتت بلادنا وأجدبت جناتنا وعريت عيالنا وهلكت مواشينا فادع ربك أن يغيثنا واشفع لنا إلى ربك ويشفع ربك إليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحان الله ويلك أنا شفعت إلى ربي فمن ذا الذي يشفع ربنا إليه لا إله إلا هو العظيم وسع كرسيه السماوات والأرض وهو يئط من عظمته وجلاله وذكر بقية الحديث إلى أن قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر وفيه كان مما حفظ من دعائه اللهم اسق بلدك وبهيمتك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت وذكر دعاء وحديثا طويلا وفي سنن أبي داود في كتاب السنة عن جبير بن مطعم قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال يا رسول الله جهدت الأنفس وضاعت العيال ونهكت الأموال وهلكت الأنعام فاستسق الله لنا فإنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحك أتدري ما تقول إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه شأن الله أعظم من ذلك وذكر حديث الأطيط وفي إسناده محمد بن إسحاق وعنعنه فإن ثبت فهو موافق لمقصودنا فإنه لم ينكر الاستشفاع به وإنما أنكر الاستشفاع بالله ولعل سبب ذلك أن شأن الشافع أن يتواضع للمشفوع عنده * وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أتيناك وما لنا صبي يصطبح ولا بعير يئط وأنشد أتيتك والعذراء تدمى لبانها * وقد شغلت أم الصبي عن الطفل وألقى بكفيه الفتى لاستكانة * من الجوع هو فاما يمر ولا يحلى ولا شئ مما يأكل الناس عندنا * سوى الحنظل العامي والعلهز الفسل وليس لنا إلا إليك فرارنا * وأين فرار الناس إلا إلى الرسل فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يجر رداءه حتى صعد المنبر فرفع يديه ثم قال
(١٤١)