دوره فيما تفوق فيه مقارنا بسابق أو لاحق أو ند ونظير ثم لا يعرف له مكان في غير تخصصه وفنه.
ولكن فتى كالإمام علي تجده في كل هؤلاء - ولا تجده من بينهم، لأنه سبقهم فلم يدركوه، وفاتهم فلم يلحقوه، وتفرد عنهم بأنك تجده في كل ذلك رأسا - لا تاليا - وتجد كل هذه العبقريات عنده، وهي تكاد تتناقض إلا في نفس هذا الإنسان الفذ العجيب.
فهو بطل حرب، ولكن حربه يحكمها الفقه، ويحركها العلم، ويصونها العفاف.
وهو زعيم متبوع، ولكنها زعامة أساسها الورع، وعمادها الخضوع، ولا تعرف إلى التطاول سبيلا.
وهو خليفة رائد - وأمير حاكم، ولكن في تواضع الزهاد، وضبط العلماء، وعدل القضاة، ويقين العرفان بالله.
وهو عالم ذو فهم، وفقيه ذو رأي، وقائد ذو بصيرة لم يفسد علمه بالإمرة، ولا مال فقهه بالسلطة، ولا جار قضاؤه لرضى الأتباع.
هذه هي شخصية الإمام الورع، الفارس التقي، العالم النقي، القاضي الذكي، شيخ المهاجرين والأنصار، أمير المؤمنين: أبي الحسن أخي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمؤاخاة، وصهره على فاطمة سيدة نساء المؤمنين، أحد الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض.. وأحد العلماء الربانيين، والشجعان المعدودين، والخطباء والفصحاء المعروفين، والزهاد المذكورين، والسابقين إلى الإسلام.
الحامل للواء النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر حروبه. شهد المشاهد كلها إلا تبوكا فقد استخلفه الرسول على المدينة، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا لم يغز بنفسه أعطاه سلاحه.