شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٧٣
وذكر الأصحاب في الفتاوى أنه لو أوصى لعلماء بلده لا يدخل المتكلمون وأوصى انسان أن يوقف من كتبه ما هو من كتب العلم فأفتى السلف ان يباع ما فيها من كتب الكلام ذكر ذلك بمعناه في الفتاوى الظهيرية فكيف يرام الوصول إلى علم الأصول بغير اتباع ما جاء به الرسول ولقد أحسن القائل * أيها المغتذى ليطلب علما * كل علم عبد لعلم الرسول * تطلب الفرع كي تصحح أصلا * كيف أغفلت علم أصل الأصول * ونبينا صلى الله عليه وسلم أوتى فواتح الكلم وخواتمه وجوامعه فبعث بالعلوم الكلية والعلوم الأولية والأخروية على أتم الوجوه ولكن كلما ابتدع شخص بدعة اتسعوا في جوابها فلذلك صار كلام المتأخرين كثيرا قليل البركة بخلاف كلام المتقدمين فإنه قليل كثير البركة لا كما يقوله ضلال المتكلمين وجهلتهم أن طريقة القوم اسلم وان طريقتنا أحكم وأعلم ولا كما يقوله من لم يقدرهم من المنتسبين إلى الفقه انهم لم يتفرغوا لاستنباط الفقه وضبط قواعده وأحكامه اشتغالا منهم بغيره والمتأخرون تفرغوا لذلك فهم أفقه فكل هؤلاء محجوبون عن معرفة مقادير السلف وعمق علومهم وقلة تكلفهم وكمال بصائرهم وتالله ما امتاز عنهم المتأخرون الا بالتكلف والاشتغال بالاطراف التي كانت همة القوم مراعاة أصولها وضبط قواعدها وشد معاقدها وهممهم مشمرة إلى المطالب العالية في كل شئ فالمتأخرون في شأن والقوم في شأن آخر وقد جعل الله لكل شئ قدرا وقد شرح هذه العقيدة غير واحد من العلماء ولكن رأيت بعض
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»