شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٢٢٠
والعاقل يعلم أن الرسول معصوم في خبره عن الله تعالى لا يجوز عليه الخطأ فيجب عليه التسليم له والانقياد لأمره وقد علمنا بالاضطرار من دين الاسلام ان الرجل لو قال للرسول هذا القرآن الذي تلقيه علينا والحكمة التي جئتنا بها قد تضمن كل منهما أشياء كثيرة تناقض ما علمناه بعقولنا ونحن إنما علمنا صدقك بعقولنا فلو قبلنا جميع ما تقوله مع أن عقولنا تناقض ذلك لكان قدحا في ما علمنا به صدقك فنحن نعتقد موجب العقول الناقضة لما ظهر من كلامك وكلامك نعرض عنه لا نتلقى منه هديا ولا علما لم يكن مثل هذا الرجل مؤمنا بما جاء به الرسول ولم يرض منه الرسول بهذا بل يعلم أن هذا لو ساغ لأمكن كل أحد أن يؤمن بشيء مما جاء به الرسول إذ العقول متفاوتة والشبهات كثيرة والشياطين لا تزال تلقي الوسواس في النفوس فيمكن كل أحد أن يقول مثل هذا في كل ما أخبر به الرسول وما أمر به وقد قال تعالى * (وما على الرسول إلا البلاغ) * وقال * (فهل على الرسل إلا البلاغ المبين) * وقال تعالى * (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء) * * (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين) * * (حم والكتاب المبين) * * (تلك آيات الكتاب المبين) * * (ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) * * (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) * ونظائر ذلك كثيرة في القرآن فأمر الإيمان بالله واليوم الآخر إما أن يكون الرسول تكلم فيه بما يدل على الحق أم لا الثاني باطل وإن كان قد تكلم بما يدل على الحق بألفاظ مجملة محتملة فما بلغ البلاغ المبين وقد شهد له خير
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»