شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٢٣١
تكون من رؤيا الحلم وغير ذلك ولكن ما يخلو الكلام من قرينة تخلص أحد معانيه من الباقي وإلا لو أخلى المتكلم كلامه من القرينة المخلصة لأحد المعاني لكان مجملا ملغزا لا مبينا موضحا وأي بيان وقرينة فوق قوله ترون ربكم كما ترون الشمس في الظهيرة ليس دونها سحاب فهل مثل هذا مما يتعلق برؤية البصر أو برؤية القلب وهل يخفى مثل هذا إلا على من أعمى الله قلبه فإن قالوا ألجأنا إلى هذا التأويل حكم العقل بأن رؤيته تعالى محال لا يتصور إمكانها فالجواب أن هذه دعوى منكم خالفكم فيها أكثر العقلاء وليس في العقل ما يحيلها بل لو عرض على العقل موجود قائم بنفسه لا يمكن رؤيته لحكم بأن هذا محال وقوله لمن اعتبرها منهم بوهم أي توهم أن الله تعالى يرى على صفة كذا فيتوهم تشبيها ثم بعد هذا التوهم إن أثبت ما توهمه من الوصف فهو مشبه وإن نفى الرؤية من أصلها لأجل ذلك التوهم فهو جاحد معطل بل الواجب دفع ذلك الوهم وحده ولا يعم بنفيه الحق والباطل فينفيهما ردا على من أتيت الباطل بل الواجب رد الباطل وإثبات الحق وإلى هذا المعنى أشار الشيخ رحمه الله بقوله ومن لم يتوق النفي والتشبيه زل ولم يصب التنزيه فإن هؤلاء المعتزلة يزعمون أنهم ينزهون الله بهذا النفي وهل يكون التنزيه بنفي صفة الكمال فإن نفي الرؤية ليس بصفة كمال إذ المعدوم لا يرى وإنما الكمال في إثبات الرؤية ونفي إدراك الرائي له إدراك إحاطة كما في العلم فإن نفي العلم به ليس بكمال وإنما الكمال في إثبات العلم ونفي الإحاطة به علما فهو سبحانه لا يحاط به رؤية كما لا يحاط به علما
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»