للناس في هذا غلوا وإسرافا في أطراف فمن قائل أنه بدعة وحرام وان العبد أن يلقى الله بكل ذنب سوى الشرك خير له من أن يلقاه بالكلام ومن قائل إنه فرض إما على الكفاية واما على الأعيان وانه أفضل الأعمال وأعلى القربات فإنه تحقيق لعلم التوحيد ونضال عن دين الله قال وإلى التحريم ذهب الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل وسفيان وجميع أئمة الحديث من السلف وساق الالفاظ عن هؤلاء قال وقد اتفق أهل الحديث من السلف على هذا لا ينحصر ما نقل عنهم من التشديدات فيه قالوا ما سكت عنه الصحابة مع أنهم أعرف بالحقائق وأفصح بترتيب الألفاظ من غيرهم الا لما يتولد منه من الشر وكذلك قال صلى الله عليه وسلم هلك المتنطعون اي المتعمقون في البحث والاستقصاء واحتجوا أيضا بأن ذلك لو كان من الدين لكان أهم ما يأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعلم طريقه ويثني على أربابه ثم ذكر بقية استدلالهم ثم ذكر استدلال الفريق الآخر إلى أن قال فإن قلت فما المختار عندك فأجاب بالتفصيل فقال فيه منفعة وفيه مضرة فهو في وقت الانتفاع حلال أو مندوب أو واجب كما يقتضيه الحال وهو باعتبار مضرته في وقت الاستضرار ومحله حرام قال فأما مضرته فإثارة الشبهات وتحريك العقائد وإزالتها عن الجزم والتصميم وذلك مما يحصل بالابتداء ورجوعها بالدليل مشكوك فيه ويختلف فيه الأشخاص فهذا ضرره في اعتقاد الحق وله ضرر في تأكيد اعتقاد البدعة وتثبيتها في صدورهم بحيث تنبعث دواعيهم ويشتد حرصهم على الاصرار عليه ولكن هذا الضرر بواسطة التعصب الذي يثور من الجدل قال وأما منفعته فقد يظن أن فائدته كشف الحقائق ومعرفتها عى ما هي عليه وهيئتها
(٢٢٣)