فليس في الكلام وفاء بهذا المطلب الشريف ولعل التخبيط والتضليل أكثر من الكشف والتعريف قال وهذا إذا سمعته من محدث أو حشوي ربما خطر ببالك ان الناس أعداء ما جهلوا فاسمع هذا ممن خبر الكلام ثم قاله بعد حقيقة الخبرة وبعد التغلغل فيه إلى منتهى درجة المتكلمين وجاوز ذلك إلى التعمق في علوم أخر سوى نوع الكلام وتحقق أن الطريق إلى حقائق المعرفة من هذا الوجه مسدود ولعمري لا ينفك الكلام عن الكشف وتعريف وإيضاح لبعض الأمور ولكن على الندور انتهى ما نقلته عن الغزالي رحمه الله وكلام مثله في ذلك حجة بالغة والسلف لم يكرهوه لمجرد كونه اصطلاحا جديدا على معان صحيحة كالاصطلاح على ألفاظ العلوم الصحيحة ولا كرهوا أيضا الدلالة على الحق والمحاجة لأهل الباطل بل كرهوه لاشتماله على أمور كاذبة مخالفة للحق ومن ذلك مخالفتها للكتاب والسنة وما فيه من علوم صحيحة فقد وعروا الطريق إلى تحصيلها وأطالوا الكلام في إثباتها مع قلة نفعها فهي لحم جمل غث على راس جبل وعر لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقى وأحسن ما عندهم فهو في القرآن أصح تقريرا وأحسن تفسيرا فليس عندهم إلا التكلف والتطويل والتعقيد كما قيل * لولا التنافس في الدنيا لما وضعت * كتب التناظر لا المغني ولا العمد * يحللون بزعم منهم عقدا * وبالذي وضعوه زادت العقد * فهم يزعمون أنهم يدفعون بالذي وضعوه الشبه والشكوك والفاضل الذي يعلم أن الشبه والشكوك زادت بذلك ومن المحال أن لا يحصل الشفاء والهدى والعلم اليقين من كتاب الله وكلام رسوله ويحصل من كلام هؤلاء المتحيرين بل الواجب أن يجعل ما قاله الله ورسوله هو الأصل ويتدبر معناه ويعقله ويعرف برهانه ودليله
(٢٢٤)