شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٢١٨
والعمل به حتى يعرضه على رأي فلان وكلامه ومذهبه بل كان الفرض المبادرة إلى امتثاله من غير التفات إلى سواه ولا يستشكل قوله لمخالفته رأي فلان بل يستشكل الآراء لقوله ولا يعارض نصه بقياس بل نهدر الأقيسة ونتلقى نصوصه ولا نحرف كلامه عن حقيقته لخيال يسميه أصحابه معقولا نعم هو مجهول وعن الصواب معزول ولا يوقف قبول قوله على موافقة فلان دون فلان كائنا من كان قال الأمام أحمد حدثنا أنس بن عياض حدثنا أبو حازم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال لقد جلست أنا وأخي مجلسا ما أحب أن لي به حمر النعم أقبلت أنا وأخي وإذا مشيخة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوس عند باب من أبوابه فكرهنا أن نفرق بينهم فجلسنا حجرة إذ ذكروا آية من القرآن فتماروا فيها حتى ارتفعت أصواتهم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبا قد احمر وجهه يرميهم بالتراب ويقول مهلا يا قوم بهذا أهلكت الأمم من قبلكم باختلافهم على أنبيائهم وضربهم الكتب بعضها ببعض إن القرآن لم ينزل يكذب بعضه بعضا بل يصدق بعضه بعضا فما عرفتم منه فاعملوا به وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه ولا شك ان الله قد حرم القول عليه بغير علم قال تعالى * (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) * وقال تعالى * (ولا تقف ما ليس لك به علم) * فعلى العبد أن يجعل ما بعث الله به رسله وانزل به كتبه هو الحق الذي يجب اتباعه فيصدق بأنه حق وصدق وما سواه من كلام سائر الناس يعرضه عليه فإن وافقه فهو حق وإن خالفه فهو باطل
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»