شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٢٢٢
ولا شك أن من لم يسلم للرسول نقص توحيده فإنه يقول برايه وهواه ويقلد ذا رأي وهوى بغير هدى من الله فينقص من توحيده بقدر خروجه عما جاء به الرسول فإنه قد اتخذه في ذلك إلها غير الله قال تعالى * (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه) * أي عبد ما تهواه نفسه وإنما دخل الفساد في العالم من ثلاث فرق كما قال عبد الله بن المبارك رحمة الله عليه * رأيت الذنوب تميت القلوب * وقد يورث الذل إدمانها * وترك الذنوب حياة القلوب * وخير لنفسك عصيانها * وهل أفسد الدين إلا الملوك * وأحبار سوء ورهبانها * فالملوك الجائرة يعترضون على الشريعة بالسياسات الجائرة ويعارضونها بها ويقدمونها على حكم الله ورسوله وأحبار السوء وهم العلماء الخارجون عن الشريعة بآرائهم واقيستهم الفاسدة المتضمنة تحليل ما حرم الله ورسوله وتحريم ما أباحه واعتبار ما ألغاه وإلغاء ما اعتبره واطلاق ما قيده وتقييد ما أطلقه ونحو ذلك والرهبان وهم جهال المتصوفة المعترضون على حقائق الإيمان والشرع بالأذواق والمواجيد والخيالات والكشوفات الباطلة الشيطانية المتضمنة شرع دين لم يأذن به الله وإبطال دينه الذي شرعه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم والتعوض عن حقائق الايمان بخدع الشيطان وحظوظ النفس فقال الأولون إذا تعارضت السياسة والشرع قدمنا السياسة وقال الآخرون إذا تعارض العقل والنقل قدمنا العقل وقال أصحاب الذوق إذا تعارض الذوق والكشف وظاهر الشرع قدمنا الذوق والكشف ومن كلام أبي حامد الغزالي رحمه الله في كتابه الذي سماه إحياء علوم الدين وهو من أجل كتبه أو اجلها فإن قلت فعلم الجدل والكلام مذموم كعلم النجوم أو هو مباح أو مندوب اليه فاعلم أن
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»