شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٢١٩
وأن لم يعلم هل خالفه أو وافقه يكون ذلك الكلام مجملا لا يعرف مراد صاحبه أو قد عرف مراده لكن لم يعرف هل جاء الرسول بتصديقه أو بتكذيبه فإنه يمسك عنه ولا يتكلم إلا بعلم والعلم ما قام عليه الدليل والنافع منه ما جاء به الرسول وقد يكون علم من غير الرسول لكن في الأمور الدنيوية مثل الطب والحساب والفلاحة وأما الأمور الإلهية والمعارف الدينية فهذه العلم فيها ما أخذ عن الرسول لا غيره قوله ولا تثبت قدم الاسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام ش هذا من باب الاستعارة إذ القدم الحسي لا تثبت الا على ظهر شيء أي لا يثبت اسلام من لم يسلم لنصوص الوحيين وينقاد إليها ولا يعترض عليها ولا يعارضها برأيه ومعقوله وقياسه روى البخاري عن الإمام محمد بن شهاب الزهري رحمه الله أنه قال من الله الرسالة ومن الرسول البلاغ وعلينا التسليم وهذا كلام جامع نافع وما أحسن المثل المضروب للنقل مع العقل وهو أن العقل مع النقل كالعامي المقلد مع العالم المجتهد بل هو دون ذلك بكثير فإن العامي يمكنه أن يصير عالما ولا يمكن العالم أن يصير نبيا رسولا فإذا عرف العامي المقلد عالما فدل عليه عاميا آخر ثم اختلف المفتي والدال فإن المستفتي يجب عليه قبول قول المفتي دون الدال فلو قال الدال الصواب معي دون المفتي لأني أنا الأصل في علمك بأنك مفت فإذا قدمت قوله على قولي قدحت في الأصل الذي به عرفت أنه مفت فلزم القدح في فرعه فيقول له المستفتي أنت لما شهدت له بأنه مفت ودللت عليه شهدت له بوجوب تقليده دونك فموافقتي لك في هذا العلم المعين لا تستلزم موافقتك في كل مسألة وخطؤك فيما خالفت فيه المفتي الذي هو اعلم منك لا يستلزم خطأك في علمك بأنه مفت هذا مع علمه أن ذلك المفتي قد يخطئ
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»