شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ١٩٧
الكلام النفساني لأنه لا يقال لمن قام به الكلام النفساني ولم يتكلم به أن هذا كلام حقيقة وإلا للزم ان يكون الأخرس متكلما ولزم أن لا يكون الذي في المصحف عند الإطلاق هو القرآن ولا كلام الله ولكن عبارة عنه ليست هي كلام الله كما لو أشار أخرس إلى شخص بإشارة فهم بها مقصوده فكتب ذلك الشخص عبارته عن المعنى الذي أوحاه إليه ذلك الأخرس فالمكتوب هو عبارة ذلك الشخص عن ذلك المعنى وهذا المثل مطابق غاية المطابقة لما يقولونه وإن كان الله تعالى لا يسمسه أحد أخرس لكن عندهم أن الملك فهم منه معنى قائما بنفسه لم يسمع منه حرفا ولا صوتا بل فهم معنى مجردا ثم عبر عنه فهو الذي أحدث نظم القرآن وتأليفه العربي وأن الله خلق في بعض الأجسام كالهوى الذي هو دون الملك هذه العبارة ويقال لمن قال إنه معنى واحد هل سمع موسى عليه السلام جميع المعنى أو بعضه فإن قال سمعه كله فقد زعم أنه سمع جميع كلام الله وفساد هذا ظاهر وإن قال بعضه فقد قال يتبعض وكذلك كل من كلمه الله أو أنزل إليه شيئا من كلامه ولما قال تعالى للملائكة * (إني جاعل في الأرض خليفة) * ولما قال لهم * (اسجدوا لآدم) * وأمثال ذلك هل هذا جميع كلامه أو بعضه فإن قال إنه جميعه فهذا مكابرة وإن قال بعضه فقد اعترف بتعدده وللناس في مسمى الكلام والقول عند الاطلاق أربعة أقوال أحدها أنه يتناول اللفظ والمعنى جميعا كما يتناول لفظ الانسان الروح والبدن معا وهذا قول السلف الثاني اسم اللفظ فقط والمعنى ليس جزء مسماه بل هو مدلول مسماه وهذا قول جماعة من المعتزلة وغيرهم الثالث أنه اسم للمعنى فقط وإطلاقه على
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»