شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ١٩٦
وقال تعالى * (والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق) * وقال تعالى * (قل نزله روح القدس من ربك بالحق) * وإنزال المطر مقيد بأنه منزل من السماء قال تعالى * (وأنزلنا من السماء ماء طهورا) * والسماء العلو وقد جاء في مكان آخر أنه منزل من المزن والمزن السحاب وفي مكان آخر أنه منزل من المعصرات وإنزال الحديد والانعام مطلق فكيف يشبه هذا الانزال بهذا الانزال فالحديد إنما يكون من المعادن التي في الجبال وهي عالية على الأرض وقد قيل إنه كلما كان معدنه أعلى كان حديده أجود والانعام تخلق بالتوالد المستلزم إنزال الذكور الماء من اصلابها إلى أرحام الإناث ولهذا يقال أنزل ولم يقل نزل ثم الأجنة تنزل من بطون الأمهات إلى وجه الأرض ومن المعلوم أن الانعام تعلو فحولها إناثها عند الوطء وينزل ماء الفحل من علو إلى رحم الأنثى وتلقي ولدها عند الولادة من علو إلى سفل وعلى هذا فيحتمل قوله * (وأنزل لكم من الأنعام) * وجهين أحدهما أن تكون من لبيان الجنس الثاني أن تكون من لابتداء الغاية وهذان الوجهان يحتملان في قوله * (جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا) * وقوله وصدقه المؤمنون على ذلك حقا الإشارة إلى ما ذكره من التكلم على الوجه المذكور وإنزاله اي هذا قول الصحابة والتابعين لهم بإحسان وهم السلف الصالح وأن هذا حق وصدق وقوله وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة ليس بمخلوق ككلام البرية رد على المعتزلة بهذا القول ظاهر وفي قوله بالحقيقة رد على من قال إنه معنى واحد واحد قام بذات الله لم يسمع منه وانما هو
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»