يفيض عليه لتمام الاستعداد في القابل وعموم القبض من الفاعل والمشروط بالحادث حادث بالضرورة فإن قيل فيلزم أن ينعدم عند انعدام المزاج ضرورة انتفاء المشروط عند انتفاء الشرط قلنا يجوز أن يكون المزاج شرطا لحدوثها لا لبقائها كما في كثير من المعدات ورد بمنع الصغرى لجواز أن يكون المشروط بالمزاج تعلقها بالبدن لا وجودها الثالث وهو العمدة في إثبات المطلوب أن النفوس لو كانت قديمة فإما أن تكون في الأزل واحدة أو متعددة لا سبيل إلى الأول لأنها بعد التعلق بالبدن إما أن تبقى على وحدتها وهو باطل بالاتفاق والضرورة للقطع باختلاف الأشخاص في العلوم والجهالات وإما أن تتكثر بالانقسام والتجزي وهو على المجرد محال أو بزوال الواحد وحصول الكثير وهو قول بالحدوث ولا إلى الثاني لأن تمايزها إما بذاتها فينحصر كل في شخص ولا يوجد نفسان متماثلان والخصم يوافقنا على بطلانه وإما بالعوارض وهو أيضا باطل لأن اختلاف العوارض إنما يكون عند تغاير المواد ومادة النفس هي البدن ولا بدن في الأزل لأن المركبات العنصرية حادثة وفاقا ولو سلم فالكلام في النفوس المتعلقة بالأبد أن الحادثة الهالكة فتمايزها في الأزل بأبدان قديمة لا تتصور إلا بالانتقال عنها إلى هذه الأبدان وهو تناسخ وقد ثبت بطلانه على ما سنشير إليه فإن قيل لم لا يجوز أن يكون تمايزها بما يحل فيها كالشعور بهوياتها مثلا قلنا لأن هذا إنما يتصور بعد التمايز ليكون الحال في هذه مغايرا للحال في تلك فتعليل التمايز بذلك دور فإن قيل لو صح ما ذكرتم لزم عدم تمايزها بعد مفارقة الأبدان واضمحلالها لانتفاء العوارض المادية قلنا ممنوع لجواز أن يبقى تمايزها بما حصل لكل من خواصها التي لا توجد في الأخرى وأقلها الشعور بهويتها واعترض بوجهين أحدهما أنا لا نسلم بطلان كون كل فرد من أفراد النفوس نوعا منحصرا في الشخص إذ لم تقم حجة على أنه يجب أن توجد نفسان متحدتان في الماهية وثانيهما أنا لا نسلم امتناع أن يوجد جسم قديم تتعلق به النفس في الأزل ثم تنتقل منه إلى آخر وآخر على سبيل التناسخ كيف وعمدتهم الوثقى في إبطال التناسخ مبنية على حدوث النفس كما سيجيء فلو بنى إثبات الحدوث على بطلان التناسخ كان دورا فإن قيل نحن نبين امتناع تعين النفس بالعوارض البدنية بوجه لا يتوقف على بطلان التناسخ بأن نقول لو كان تعين هذه النفس بالعوارض المتعلقة بهذا البدن لما كانت متعينه قبله فلم تكن موجودة سواء كان التناسخ حقا لو باطلا قلنا الملازمة ممنوعة لجواز أن تكون قبل هذا البدن متعينة ببدن آخر معين وقبله بآخر وآخر لا إلى بداية فتكون موجودة بتعينات متعاقبة فلا بد من إبطال ذلك وقد يجاب عن الاعتراضين بأن الكلام إلزامي على من سلم تماثل النفوس وبطلان التناسخ قال ثم النفس ناطقة يعني أن كل نفس تعلم بالضرورة أن ليس معها في هذا البدن نفس أخرى تدبر أمره وأن ليس لها تدبير وتصرف في بدن
(٣٧)