شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ٢ - الصفحة ٣٤
ولو جعلنا مثلين من جهة كونهما صورة لشيء واحد من غير اختلاف إلا في كون إحداهما منتزعة قائمة بالنفس والأخرى أصلية قائمة بالمادة فاجتماع المثلين إنما يمتنع من جهة ارتفاع التمايز على ما سبق وههنا الامتياز باق وإن جعلا قائمين لشيء واحد لأن قيام المنتزعة بواسطة النفس بخلاف الأصلية على أن الحق أن قيامها بمادة الجسم وقيام المنتزعة بالجسم نفسه وأن ذلك إنما يلزم لو كان حلول النفس في ذلك الجسم حلول العرض في محله لا بطريق مداخلة الأجزاء (قال ثم بنوا) يشير إلى أن للأفلاك نفوسا مجردة لتعقل الكليات وقوى جسمانية لتخيل الجزئيات وذلك لأن حركاتها المستديرة ليست طبيعية لأن الحركة الطبيعية تكون عن حالة منافرة إلى حالة ملائمة فلو كانت طبيعية لزم في الوصول إلى كل نقطة أن يكون مطلوبا بالطبع من حيث الحركة إليها ومهروبا عنه بالطبع من حيث الحركة عنها وهو محال ولا يلزم ذلك في الحركة المستقيمة لأن الحركة إلى النقطة التي فيما بين المبدأ والمنتهى ليست لأن الوصول إليها مطلوب بالطبع بل لأن الوصول إلى المطلوب بالطبع أعني الحصول في الحيز لا يمكن بدون ذلك ولا كذلك حال المستديرة أما فيما لا ينقطع عند تمام دوره فظاهر وأما فيما ينقطع فلأن المطلوب بالطبع لو كان هو الوصول إلى نقطة الانقطاع لكان مقتضى طبع كل جزء من أجزاء الجسم الواحد البسيط شيئا آخر وهو الحيز الذي يقع فيه ذلك الجزء عند الانقطاع ولكان مقتضى الطبع إيثار الطريق الأطول على الأقصر ولا قسرية لأنها إنما تكون على خلاف الطبع فحيث لا طبع فلا قسر وعلى وفق القاسر فلا تختلف في الجهة والشرعة والبطؤ فتعين أن تكون إرادية مقرونة بالإدراك ولا يكفي لجزئياتها وخصوصياتها تعقل كلي لأن نسبته إلى الكل على السواء ولا إدراكات جزئية وتخيلات محضة لاستحالة دوامها على نظام واحد من غير انقطاع واختلاف كيف وقد ثبت لزوم تناهي القوى الجسمانية فإذن لا بد لتلك الحركات من إرادات وإدراكات جزئية وقد تقرر أن ذلك لا يمكن إلا بقوى جسمانية ومن إرادات وتعقلات كلية وقد تقرر أن ذلك لا يكون إلا للذات المجردة فثبت أن المباشر لتحريك الأفلاك قوى جسمانية هي بمنزلة النفوس الحيوانية لأبداننا ونفوس مجردة ذوات إرادات عقلية وتعقلات كلية هي بمنزلة نفوسنا الناطقة واعترض بعد تسليم انحصار الحركة في الطبيعية والقسرية والإرادية وأن التعقل الكلي لا يكون إلا للمجردات ولا الجزئي إلا بالجسمانيات بأنا لا نسلم لزوم كون المطلوب بالطبع متروكا بالطبع لم لا يجوز أن يكون المطلوب بالطبع نفس الحركة لا شيأ من الأيون والأوضاع التي تترك ولا نسلم أن القسر لا يكون إلا على خلاف الطبع وأن القاسر لا يكون إلا متشابها ليلزم تشابه الحركات وأن الكلي من الإرادة والإدراك لا يصلح مبدأ لخصوصيات الحركات لم لا يجوز أن تستند الحركات المتعاقبة إلى إرادات وإدراكات كلية متعاقبة لا إرادة وإدراك للحركة على الإطلاق
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»