حفظ صحة القوى وإصلاح اختلالها ولم يحتاجوا إلى معرفة الفرق بين القوى وتحقيق أنواعها بل إلى معرفة أفعالها ومواضعها وكانت الآفات العارضة لها قد تتجانس اقتصروا على قوة في البطن المقدم من الدماغ سموها الحس المشترك والخيال وأخرى في البطن الأوسط سموها المفكرة وهي الوهم وأخرى في البطن المؤخر سموها الحافظة والمتذكرة قال وأما المحركة لم يبسط الكلام في القوى المحركة بسطه في القوى المدركة لأن المباحث الكلامية لا تتعلق بهذه تعلقها بتلك والمراد بالمحركة أعم من الفاعلة للحركة والباعثة عليها وتسمى شوقية ونزوعية وتنقسم إلى شهوية وهي الباعثة على الحركة نحو ما يعتقد أو يظن نافعا وغضبية وهي الباعثة على الحركة نحو ما يعتقد أو يظن ضارا وأما الفاعلة فهي قوة من شأنها أن تبسط الفضل بإرحاء الأعصاب إلى خلاف جهة مبدأها لينبسط العضو المتحرك أي يزداد طولا وينتقص عرضا أو تقبضه بتمديد الأعصاب إلى جهة مبدأها لينقبض العضو المتحرك أي يزداد عرضا وينتقص طولا والعضلة عضو مركب من العصب ومن جسم شبيه بالعصب تنبت من أطراف العظام تسمى رباطا وعقبا ومن لحم احتشى به الفرج التي بين الأجزاء المنتفشة الحاصلة باشتباك العصب والرباط ومن غشاء تخللها والعصب جسم ينبت من الدماغ أو النخاع أبيض لدن لين في الانعطاف صلب في الانفصال (قال وأما مبدأ الشوق) قد يتوهم أن من القوى المحركة قوة أخرى هي مبدأ قريب للشوقية بعيد للفاعلة كالقوة التي ينبعث عنها شوق الألف بالشيء إلى مألوفه وشوق المحبوس إلى خلاصه وشوق النفس إلى الفعل الجميل فأشار إلى أن ذلك من قبيل القوى المدركة لأن مبدأ الشوق والنزوع تخيل أو تعقل قال ثم بعض هذه القوى يعني المدركة والمحركة قد تفقد في بعض أنواع الحيوان كالبصر في العقرب والخيال في الفراشة أو أشخاصه بحسب الخلقة كالأكمه ومن ولد مفقود بعض الحواس أو الحركات أو بحسب العارض كمن أصابه آفة أخلت ببعض إدراكاته أو حركاته قال المقالة الثانية فيما يتعلق بالمجردات وفيها فصلان أولهما في النفس والثاني في العقل لما عرفت من أن الجوهر المجرد إن تعلق بالبدن تعلق التدبير والتصرف فنفس وإلا فعقل وقد تطلق لفظ النفس على ما ليس بمجرد بل مادي كالنفس النباتية التي هي مبدأ أفاعيله من التغذية والتنمية والتوليد والنفس الحيوانية التي هي مبدأ الحس والحركة الإرادية وتجعل النفس الأرضية اسما لهما أو للنفس الناطقة الإنسانية فتفسر بأنها كمال أول لجسم طبيعي آلي ذي حياة بالقوة والمراد بالكمال ما يكمل به النوع في ذاته ويسمى كمال أول كهيئة السيف للحديد أو في صفاته ويسمى كمالا ثانيا كسائر ما يتبع النوع من العوارض مثل القطع للسيف والحركة للجسم والعلم للإنسان فإن قيل قد سبق أن الحركة كمال أول قلنا نعم بالنظر إلى ما هو بالقوة من حيث هو بالقوة فإنه أول ما يحصل له بعد مالم يكن وإما بالنظر إلى ذات
(٢٦)