شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ٢ - الصفحة ٢٨٦
عنه ولا عبرة بقول الراوندية أتباع القاسم بن راوند أنه العباس رضي الله تعالى عنه لنا وجوه الأول وهو العمدة إجماع أهل الحل والعقد على ذلك وإن كان من البعض بعد تردد وتوقف على ما روي أن الأنصار قالوا منا أمير ومنكم أمير وأن أبا سفيان قال أرضيتم يا بني عبد مناف أن يلي عليكم تيم والله لأملأن الوادي خيلا ورجالا وذكر في صحيح البخاري وغيره من الكتب الصحيحة أن بيعة علي وفي إرسال أبي بكر وعمر أبا عبيدة الجراح إلى علي رضي الله عنه رسالة لطيفة رواها الثقات بإسناد صحيح تشتمل على كلام كثير من الجانبين وقليل غلظة من عمرو على أن عليا جاء إليهما ودخل فيما دخلت فيه الجماعة وقال حين قام عن المجلس بارك الله فيما ساءني وسركم فيما روي أنه لما بويع لأبي بكر رضي الله تعالى عنه وتخلف علي والزبير والمقداد وسلمان وأبو ذر أرسل أبو بكر من الغد إلى علي فأتاه مع أصحابه فقال ما خلفك يا علي عن أمر الناس فقال عظم المصيبة ورأيتكم استغنيتم برأيكم فاعتذر إليه أبو بكر ثم أشرف على الناس فقال هذا علي بن أبي طالب ولا بيعة لي في عنقه وهو بالخيار في أمره ألا فأنتم بالخيار جميعا في بيعتكم إياي فإن رأيتم لها غيري فأنا أول من يبايعه فقال علي لا نرى لها أحدا غيرك فبايعه هو وسائر المتخلفين محل نظر ثم الإجماع على إمامته على أهليته لذلك مع أنها من الظهور بحيث لا يحتاج إلى البيان الثاني أن المهاجرين والأنصار اتفقوا على أن الإمامة لا تعدو أبا بكر وعليا والعباس ثم إن عليا والعباس بايعا أبا بكر وسلما له الأمر فلو لم يكن على الحق لنازعاه كما نازع علي معاوية لأنه لا يليق لهما السكوت عن الحق ولأن ترك المنازعة ح يكون مخلا بالعصمة الواجبة عندكم فيخرجان عن أهلية الإمامة فتعين أبو بكر للاتفاق على أنها ليست لغيرهم فإن قيل إذا لم يكن على الحق كيف يتعين إماما على الحق وهل هذا إلا تهافت قلنا عدم كونه على الحق إذا استلزم كونه على الحق كان باطلا لأن ما يفضي ثبوته إلى انتفائه كان منتفيا قطعا وفيه المطلوب وقد يجاب بأنه يجوز أن لا يكون على الحق بفضل علي عليه واستحقاقه الإمامة دونه ثم يبطل ذلك الفضل والاستتحقاق بترك ما وجب عليه من المنازعة فيصير أبو بكر هو الإمام بالحق فإن قيل يجوز أن يكون ترك المنازعة لمانع التقية وخوف الفتنة قلنا قد سبق الجواب والله أعلم الثالث قوله تعالى * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض) * وعد الخلافة لجماعة من المؤمنين المخاطبين ولم يثبت لغير الأئمة الأربعة فيثبت لهم على الترتيب الرابع قوله تعالى * (قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا) * الآية جعل الداعي مفترض الطاعة والمراد به عند أكثر المفسرين أبو بكر وبالقوم بنوا حنيفة قوم مسيلمة الكذاب وقيل قوم فارس فالداعي عمرو في ثبوت خلافته ثبوت خلافة أبي بكر رضي الله عنه وبالاتفاق لم يكن ذلك عليا لأنه لم يقاتل في خلافته الكفار الخامس قوله صلى الله عليه وسلم اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»