شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ٢ - الصفحة ٣٠٨
اختفاء إمام هذا القدر من الأنام بحيث لا يذكر منه إلا الاسم بعيد جدا ولأن بعثه مع هذا الاختفاء عبث إذ المقصود من الإمامة الشريعة وحفظ النظام ودفع الجور ونحو ذلك ولو سلم فكان ينبغي أن يكون ظاهرا لا يظهر دعوى الإمامة كسائر الأئمة من أهل البيت ليستظهر به الأولياء وينتفع به الناس لأن أولى الأزمنة بالظهور هو هذا الزمان للقطع بأنه يتسارع إلى الانقياد له والاجتماع معه النسوان والصبيان فضلا عن الرجال والأبطال وأما نزول عيسى عليه السلام فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير الحديث وقال صلى الله عليه وسلم كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم ثم لم يروا في حاله مع إمام الزمان حديث صحيح سوى ما روي أنه قال صلى الله عليه وسلم لا يزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة قال فينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم تعال صل لنا فيقول لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة إليه هذه الأمة فما يقال أن عيسى صلى الله عليه وسلم يقتدي بالمهدي أو بالعكس شيء لا مستند له فلا ينبغي أن يعول عليه نعم هو وإن كان حينئذ من أتباع النبي صلى الله عليه وسلم فليس منعزلا عن النبوة فلا محالة يكون أفضل من الإمام إذ غاية علماء الأمة الشبه بأنبياء بني إسرائيل وأما قوله صلى الله عليه وسلم لا مهدي إلا عيسى ابن مريم فلا يبعد أن يحمل على الهداية إلى طريق هلاك الدجال ودفع شره على ما نظن به الأحاديث الصحاح فمن حديث طويل في الملاحم أنه يخرج الدجال بالشام فبينا المسلمون يعدون للقتال يسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاة فينزل عيسى ابن مريم فأمهم فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء فلو تركه لذاب حتى يهلك ولكن يقتله الله بيده فيريهم دمه في حربته وفي هذا دليل على أن عيسى صلى الله عليه وسلم يؤم المسلمين في تلك الصلاة وقال صلى الله عليه وسلم ليس ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال وقال صلى الله عليه وسلم ما من نبي إلا أنذر قومه الأعور الكذاب ثم وصفه وفصل كثيرا من أحواله وقال ينزل عيسى ابن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله وقال صلى الله عليه وسلم الدجال يخرج من أرض بالشرق يقال لها خراسان يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة وقال صلى الله عليه وسلم يتبع الدجال من أمتي سبعون ألفا عليهم التيجان أي الطيالسة الخضر ونرجو أن يكون المراد أمة الدعوة على ما قال صلى الله عليه وسلم يتبع الدجال من يهود أصفهان سبعون ألفا عليهم الطيالسة وقال عليه السلام من أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف فإنه جواركم من فتنته وقال عليه السلام من سمع بالدجال فلينأ عنه فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما تبعث له من الشبهات قال وغير ذلك من أشراط الساعة عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر فقال ما تذكرون قلنا نذكر الساعة
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 » »»