المعصوم فإثبات العصمة به دور الثالث أن غير المعصوم ظالم لأن المعصية ظلم على النفس أو على الغير ولا شيء من الظالم بأهل للإمامة لقوله تعالى * (لا ينال عهدي الظالمين) * والمراد عهد الإمامة بقرينة السباق وهو قوله تعالى * (إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي) * والجواب أن غير المعصوم أي من ليس له ملكة العصمة لا يلزم أن يكون عاصيا بالفعل فضلا أن يكون ظالما فإن المعصية أعم من الظلم وليس كل عاص ظالما على الإطلاق ولو سلم فدلالة الآية على صدق الكبرى لا يتم لجواز أن يكون المراد عهد النبوة والرسالة على ما هو رأي أكثر المفسرين نعم لا يبعد إثباته بالإجماع وفيه ما مر الرابع أن الأمة إنما يحتاجون إلى الإمام لجواز الخطأ عليهم في العلم والعمل ولذلك يكون الإمام لطفا لهم فلو جاز الخطأ على الإمام لوجب له إمام آخر ويتسلسل وشبه ذلك بانتهاء سلسلة الممكنات إلى الواجب لئلا يلزم التسلسل والجواب أن وجوب الإمام شرعي بمعنى أنه أوجب علينا نصبه لا عقلي مبني على جواز الخطأ على الأمة كما زعمتم لأن في الشريعة القائمة إلى القيامة غنية عنه لولا إيجاب الشارع والضرر المظنون من عدمه يندفع بعلمه واجتهاده وظاهر عدالته وحسن اعتقاده وإن لم يكن معصوما ألا يرى أن الخطأ جائز على المعصوم أيضا لما عرفت من أن العصمة لا تزيل المحنة وإن لم يندفع بذلك فكفى بخبر الأمم وعلماء الشرع مانعا دافعا الخامس أنه حافظ للشريعة فلو جاز الخطأ عليه لكان ناقضا لها لا حافظا فيعود على موضوعه بالنقض والجواب أنه ليس حافظا لها بذاته بل بالكتاب والسنة وإجماع الأمة واجتهاده الصحيح فإن أخطأ في اجتهاده أو ارتكب معصية فالمجتهدون يردون والآمرون بالمعروف يصدون وإن لم يفعلوا أيضا فلا نقض للشريعة القويمة ولا نقض على الطريقة المستقيمة السادس أنه لو أقدم على المعصية فإما أن يجب الإنكار عليه وهو مضاد لوجوب إطاعته الثابت بقوله تعالى * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * فيلزم اجتماع الضدين وإما أن لا يجب وهو خلاف النص والإجماع والجواب أن وجوب الطاعة إنما هو فيما لا يخالف الشرع وأما فيما يخالفه فالرد والإنكار وإن لم يتيسر فسكوت عن اضطرار السابع أنه لا بد للشريعة من ناقل ولا يوجد في كل حكم حكم أهل التواتر منعنا إلى انقراض العصر فلم يبق إلا أن يكون إماما معصوما عن الخطأ والجواب أن الظن كاف في البعض فينقل بطريق الآحاد من الثقاة وأما القطعي فإلى أهل التواتر أو جميع الأمة وهم أهل عصمة عن الخطأ فلا حاجة إلى معصوم بالمعنى الذي قصد ثم وليت شعري بأي طريق نقلت الشريعة إلى الشيعة من الإمام الذي لا يوجد منه إلا الاسم قال وأما اشتراط قد اشترط الغلاة من الروافض أن يكون الإمام صاحب معجزة عالما بالغيوب وبجميع اللغات وبجميع الحرف والصناعات وبطبايع الأغذية والأدوية وبعجايب البر والبحر والسماء
(٢٨٠)