الجمهور من الوجوب على العباد إذا لم ينصب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يستخلف الإمام السابق قال المبحث الثاني يشترط في الإمام أن يكون مكلفا حرا ذكرا عدلا لأن غير العاقل من الصبي والمعتوه قاصر عن القيام بالأمور على ما ينبغي والعبد مشغول بخدمة السيد لا يفرغ للأمر مستحقر في أعين الناس لا يهاب ولا يمتثل أمره والنساء ناقصات عقل ودين ممنوعات عن الخروج إلى مشاهد الحكم ومعارك الحرب والفاسق لا يصلح لأمر الدين ولا يوثق بأوامره ونواهيه والظالم يختل به أمر الدين والدنيا وكيف يصلح للولاية وما الوالي إلا لدفع شره أليس بعجيب استرعاء الذئب وأما الكافر فأمره ظاهر وزاد الجمهوراشتراط أن يكون شجاعا لئلا يجبن عن إقامة الحدود ومقاومة الخصوم مجتهدا في الأصول والفروع ليتمكن من القيام بأمر الدين ذا رأي في تدبيرالأمور لئلا يخبط في سياسة الجمهور ولم يشترطها بعضهم لندرة اجتماعها في الشخص وجواز الاكتفاء فيها بالاستعانة من الغير بأن يفوض أمرالحروب ومباشرة الخطوب إلى الشجعان ويستفتي المجتهدين في أمورالدين ويستشير أصحاب الآراء الصائبة في أمورالملك واتفقت الأمة على اشتراط كونه قرشيا أي من أولاد نضر بن كنانة خلافا للخوارج وأكثر المعتزلة لنا السنة والإجماع أما السنة فقوله عليه الصلاة والسلام الأئمة من قريش وليس المراد إمامة الصلاة اتفاقا فتعينت الإمامة الكبرى وقوله صلى الله عليه وسلم الولاة من قريش ما أطاعوا الله واستقاموا لأمره وقوله صلى الله عليه وسلم قدموا قريشا ولا تقدموها وأما الإجماع فهو أنه لما قال الأنصار يوم السقيفة منا أمير ومنكم أمير منعهم أبو بكر رضي الله تعالى عنه بعدم كونهم من قريش ولم ينكره عليه أحد من الصحابة فكان إجماعا احتج المخالف بالمنقول والمعقول أما المنقول صلى الله عليه وسلم أطيعوا ولو أمر عليكم عبد حبشي أجدع وأجيب بأن ذلك في غير الإمام من الحكام جمعا بين الأدلة وأما المعقول فهو أنه لا عبرة بالنسب في القيام بمصالح الملك والدين بل للعلم والتقوى والبصيرة في الأمور والخيرة بالمصالح والقوة على الأهوال وما أشبه ذلك وأجيب بالمنع بل أن لشرف الأنساب وعظيم قدرها في النفوس أثرا تاما في اجتماع الآراء وتآلف الأهواء وبذل الطاعة والانقياد وإظهار آثار الاعتقاد ولهذا شاع في الأعصار أن يكون الملك والسياسة في قبيلة مخصوصة وأهل بيت معين حتى يرى الانتقال عنه من الخطوب العظيمة والاتفاقات العجيبة ولا أليق بذلك من قريش الذين هم أشرف الناس سيما وقد اقتصر عليهم ختم الرسالة وانتشرت منهم الشريعة الباقية إلى يوم القيامة وأما إذا لم يوجد من قريش من يصلح لذلك أو لم يقتدر على نصبه لاستيلاء أهل الباطل وشوكة الظلمة وأرباب الضلالة فلا كلام في جواز تقلد القضاء وتنفيذ الأحكام وإقامة الحدود وجميع ما يتعلق بالإمام من كل ذي شوكة كما إذا كان الإمام القريشي فاسقا أو جابرا أو جاهلا فضلا أن يكون مجتهدا وبالجملة مبنى ما ذكر
(٢٧٧)