إذا خلا عن جميع جهات القبح وهو ممنوع والسند ما مر مع وجوه أخر مثل أن أداء الواجب وترك القبيح مع عدم الإمام أكثر ثوابا لكونهما أشق وأقرب إلى الإخلاص لاحتمال انتفاء كونهما من خوف الإمام وأيضا فإنما يجب لو لم يقم لطف آخر مقامه كالعصمة مثلا فلم لا يجوز أن يكون زمان يكون الناس فيه معصومين مستغنين عن الإمام والقول بأنا نعلم قطعا أن اللطف الذي يحصل بالإمام لا يحصل لغيره مجرد دعوى ربما تعارض بأنا نعلم قطعا جواز حصوله لغيره وهذا كدعوى القطع بانتفاء المفاسد في نصب الإمام وكونه مصلحة خالصة وأيضا إنما يكون منفعة ولطفا واجبا إذا كان ظاهرا قاهرا زاجرا عن القبايح قادرا على تنفيذ الأحكام وإعلاء لواء الإسلام وهذا ليس بلازم عندكم فالإمام الذي ادعيتم وجوبه ليس بلطف والذي هو لطف ليس بواجب وأجاب الشيعة بأن وجود الإمام لطف سواء تصرف أو لم يتصرف على ما نقل عن علي كرم الله وجهه أنه قال لا تخلو الأرض من إمام قائم لله بحجة إما ظاهرا مشهورا أو خايفا مضمورا لئلا يبطل حجج الله وبيناته وتصرفه الظاهر لطف آخر وإنما عدم من جهة العباد وسوء اختيارهم حيث أخافوه وتركوا نصرته ففوتوا اللطف على أنفسهم ورد أولا بأنا لا نسلم أن وجوده بدون التصرف لطف فإن قيل لأن المكلف إذا اعتقد وجوده كان دائما يخاف ظهوره وتصرفه فيمتنع من القبايح قلنا مجرد الحكم بخلقه وإيجاده في وقت ما كاف في هذا المعنى فإن ساكن القرية إذا انزجر عن القبيح خوفا من حاكم من قبل السلطان مختف في القرية بحيث لا أثر له كذلك ينزجر خوفا من حاكم علم أن السلطان يرسله إليها البتة متى شاء وليس هذا خوفا من المعدوم بل من وجود مترقب كما أن خوف الأول من ظهور مترقب وثانيا بأنه ينبغي أن يظهر لأوليائه الذين يبذلون الأرواح والأموال على محبته وليس عندهم منه إلا مجرد الاسم فإن قيل لعله ظهر لهم وأنتم عنه غافلون قلنا عدم ظهوره لهم من العاديات التي لا ارتياب فيها لعاقل كعدم بحر من المسك وجبل من الياقوت ولو سلم فالأولياء إذا عرفوا من أنفسهم أنه لم يظهر لهم توجه الاشكل عليهم أقال احتجت الخوارج القائلون بعدم وجوب نصب الإمام احتجوا بأن في نصبه إثارة الفتنة لأن الأهواء متخالفة والآراء متباينة فيميل كل حزب إلى واحد وتهيج الفتن وتقوم الحروب وما هذا شأنه لا يجب بل كان ينبغي أن لا يجوز لا أن احتمال الاتفاق على الواحد أو تعينه وتفرده باستجماع الشرايط أو ترجحه من بعض الجهات منع الامتناع وأوجب الجواز والجواب أن اعتبار الترجح كما قيل يقدم الأعلم ثم الأورع ثم الأسن أو انعقاد الأمر وانسداد طريق المخالفة بمجرد بيعة البعض ولو واحدا يدفع الفتنة مع أن فتنة النزاع في تعيين الإمام بالنسبة إلى مفاسد عدم الإمام ملحقة بالعدم لا يقال الاحتجاج المذكور على تقدير تمامه لا ينفي الوجوب على الله ولا على ا لنبي صلى الله عليه وسلم بالنص ولا على الإمام السابق بالاستخلاف لأنا نقول المقصود نفي ما يراه
(٢٧٦)