كان متدينا ببعض الأديان والكتب المنسوخة خص باسم الكتابي كاليهودي والنصراني وإن كان يقول بقدم الدهر وإسناد الحوادث إليه خص باسم الدهري وإن كان لا يثبت الباري تعالى خص باسم المعطل وإن كان مع اعترافه بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم وإظهاره شعائر الإسلام ببطن عقائد هي كفر بالاتفاق خص باسم الزنديق وهو في الأصل منسوب إلى زند اسم كتاب أظهره مزدك في أيام قباد وزعم أنه تأويل كتاب المجوس الذي جاء به زرادشت الذي يزعمونه أنه نبيهم قال المبحث السابع في حكم مخالف الحق من أهل القبلة في باب الكفر والإيمان ومعناه أن الذين اتفقوا على ما هو من ضروريات الإسلام كحدوث العالم وحشر الأجساد وما أشبه ذلك واختلفوا في أصول سواها كمسألة الصفات وخلق الأعمال وعموم الإرادة وقدم الكلام وجواز الرؤية ونحو ذلك مما لا نزاع فيه أن الحق فيها واحد هل يكفر المخالف للحق بذلك الاعتقاد وبالقول به أم لا وإلا فلا نزاع في كفر أهل القبلة المواظب طول العمر على الطاعات باعتقاد قدم العالم ونفي الحشر ونفي العلم بالجزئيات ونحو ذلك وكذا بصدور شيء من موجبات الكفر عنه وأما الذي ذكرنا فذهب الشيخ الأشعري وأكثر الأصحاب إلى أنه ليس بكافر وبه يشعر ما قال الشافعي رحمه الله تعالى لا أرد شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية لاستحلالهم الكذب وفي المنتقى عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه لم يكفر أحدا من أهل القبلة وعليه أكثر الفقهاء ومن أصحابنا من قال يكفر المخالفين وقالت قدماء المعتزلة بكفر القائلين بالصفات القديمة وبخلق الأعمال وكفر المجبرة حتى حكي عن الجبائي أنه قال المجبر كافر ومن شك في كفره فهو كافر ومن شك في كفر من شك في كفره فهو كافر ومنهم من بلغ الغاية في الحماقة والوقاحة فزعم أن القول بزيادة الصفات وبجواز الرؤية وبالخروج من النار وبكون الشرور والقبايح بخلقه وإرادته ومشيئته وبجواز إظهار المعجزة على يد الكاذب كلها كفر وقال الأستاذ أبو إسحق الإسفرائني يكفر من يكفرنا ومن لا فلا واختيار الإمام الرازي أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة وتمسك بأنه لو توقف صحة الإسلام على اعتقاد الحق في تلك الأصول لكان النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده يطالبون بها من آمن ويفتشون عن عقايدهم فيها وينبهونهم على ما هو الحق منها واللازم منتف قطعا ثم فرق بينها وبين ما هو من أصول الإسلام بالاتفاق بأن بعضها مما اشتهر كونه من الدين واشتمل عليه الكتاب بحيث لا يحتاج إلى البيان كحشرالأجساد وبعضها مما ظهرت أدلتها على ما يليق بأصحاب الجمل بحيث يتسارع إليها الأفهام كحدوث العالم وإنما طال الكلام فيها لإزالة شكوك الفقهاء المبطلون بخلاف الأصول الخلافية فإن الحق فيها خفي يفتقر إلى زيادة نظر وتأمل والكتاب والسنة قد يشتملان على ما يتخيل معارضا لحجة أهل الحق فلو كانت مخالفة الحق فيها كفرا لاحتيج إلى البيان البتة ثم أجاب عن أدلة تكفير الفرق بعضهم بعضا
(٢٦٩)