بالنسبة إلى منافعه ومفاسده بالإضافة إلى مصالحه مما لا يعبأ بكثرته ويلحق بالعدم في قلته فإن قيل لو وجب نصب الإمام لزم إطباق الأمة في أكثر الأعصار على ترك الواجب لانتفاء الإمام المتصف بما يجب من الصفات سيما بعد انقضاء الدولة العباسية ولقوله صلى الله عليه وسلم الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تصير ملكا عضوضا وقد تم ذلك بخلافة علي رضي الله تعالى عنه فمعاوية ومن بعده ملوك وأمراء لا أئمة ولا خلفاء واللازم منتف لأن ترك الواجب معصية وضلالة والأمة لا تجتمع على الضلالة قلنا إنما يلزم الضلالة لو تركوه عن قدرة واختبار لا عجز واضطرار والحديث مع أنه من باب الآحاد يحتمل الصرف إلى الخلافة على وجه الكمال وههنا بحث آخر وهو أنه إذا لم يوجد إمام على شرايطه وبايع طايفة من أهل الحل والعقد قرشيا فيه بعض الشرايط من غير نفاذ لأحكامه وطاعة من العامة لأوامره وشوكة بها يتصرف في مصالح العباد ويقتدر على النصب والعزل لمن أراد هل يكون ذلك إتيانا بالواجب وهل يجب على ذوي الشوكة العظيمة من ملوك الأطراف المتصفين بحسن السياسة والعدل والإنصاف أن يفوضوا الأمر إليه بالكلية ويكونوا لديه كسائر الرعية وقد يتمسك بمثل قوله تعالى * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * وقوله صلى الله عليه وسلم من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية فإن وجوب الطاعة والمعرفة يقتضي وجوب الحصول وأما أنه لا يجب علينا عقلا ولا على الله أصلا فلما مر من بطلان الأصلين قال قالوا احتج القائلون بوجوبه علينا عقلا بأن فيه دفع الضرر واجب عقلا كاجتناب الطعام المسموم والجدار المشرف على السقوط ولو ظنا قلنا نعم بمعنى كونه من مقتضيات العقول والعادات وملايماتها والكلام في الوجوب بمعنى استحقاق تاركه الذم والعقاب في حكم الله تعالى وهو ممنوع ههنا واحتجوا على عدم وجوبه على الله تعالى مع أن الوجوب على الله في الجملة مذهبهم بأنه لو وجب على الله تعالى لما خلا زمان من الأزمنة من إمام ظاهر قاهر جامع لشروط الإمامة قاطع لرسوم الضلالة قائم بحماية بيضة الإسلام وإقامة الحدود وتنفيذ الأحكام واللازم ظاهر الانتفاء قال احتج القائلون بوجوب نصب الإمام على الله تعالى بأنه لطف من الله في حق العباد أما عند الملاحدة فليتمكنوا به من تحصيل المعرفة الواجبة إذ نظر العقل غير كاف في معرفة الله تعالى وأما عند الإمامية فلأنه إذا كان لهم رئيس قاهر يمنعهم من المحظورات ويحثهم على الواجبات كانوا معه أقرب إلى ا لطاعات وأبعد من المعاصي منهم بدونه واللطف واجب على الله لما سبق والجواب إجمالا منع المقدمتين والقدح فيما يورد لإثباتهما على ما سبق من حال الكبرى وتفصيلا أنه إنما يكون لطفا
(٢٧٥)