لا شريك له في ذلك والإسلام إسلام المرء نفسه بكليتها لله تعالى بالعبودية له من غير شرك فحصلا من طريق المراد منهما على معنى واحد ولو كان الاسمان متغايرين لتصور وجود أحدهما بدون الآخر ولتصور مؤمن ليس بمسلم أو مسلم ليس بمؤمن فيكون لأحدهما في الدنيا أو الآخرة حكم ليس للآخر وهذا باطل قطعا وقال في الكفاية الإيمان هو تصديق الله فيما أخبر من أوامره ونواهيه والإسلام هو الانقياد والخضوع لألوهيته وذا لا يتحقق إلا بقبول الأمر والنهي فالإيمان لا ينفك عن الإسلام حكما فلا يتغايران وإذا كان المراد بالاتحاد هذا المعنى صح التمسك فيه بالإجماع على أنه يمتنع أن يأتي أحد بجميع ما اعتبر في الإيمان ولا يكون مسلما أو بجميع ما اعتبر في الإسلام ولا يكون مؤمنا وعلى أنه ليس للمؤمن حكم لا يكون للمسلم وبالعكس وعلى أن دار الإيمان دار الإسلام وبالعكس وعلى أن الناس كانوا في عهد النبي عليه السلام ثلاث فرق مؤمن وكافر ومنافق لا رابع لهم والمشهور من استدلال القوم وجهان أحدهما أن الإيمان لو كان غير الإسلام لم يقبل من مبتغيه لقوله تعالى * (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه) * واللازم باطل بالاتفاق واعترض بأنه يجوز أن يكون غيره لكن لا يكون دينا غيره لكون الدين عبارة عن الطاعات على ما سبق وقد عرفت ما فيه بل المراد بالدين الملة والطريقة الثابتة من النبي عليه السلام والإيمان كذلك وإن استمر في إطلاق أهل الشرع دين الإسلام ولم يسمع دين الإيمان وذلك لاشتهار لفظ الإسلام في طريقة النبي واعتبار الإضافة إليه حتى صار بمنزلة اسم لدين محمد عليه السلام ولفظ الإيمان في فعل المؤمن من حيث الإضافة إليه ولم يصر بمنزلة الاسم للدين ولهذا كثيرا ما يفتقر في الإيمان إلى ذكر المتعلق مثل آمنوا بالله ورسوله وغير ذلك بخلاف الإسلام وثانيهما أنه لو كان غيره لم يصح استثناء أحدهما من الآخر واللازم باطل لقوله تعالى * (فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) * أي فلم نجد ممن كان فيها من المؤمنين إلا أهل بيت من المسلمين واعترض بأنه يكفي لصحة الاستثناء الإحاطة والشمول بحيث يدخل المستثنى تحت المستثنى منه ولا يتوقف على اتحاد المفهوم وقد عرفت أن المراد بالاتحاد عدم التغاير بمعنى الانفكاك نعم لو قيل أنه لا يتوقف على المساواة أيضا بل يصح مع كون المؤمن أعم كقولك أخرجت العلماء فلم أترك إلا بعض النحاة لكان شيئا لا بالعكس على ما سبق إلى بعض الأوهام ذهابا إلى صحة قولنا أخرجت العلماء فلم أترك إلا بعض الناس وقد يستدل بسوق أحد الاسمين مساق الآخر كقوله تعالى * (يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين) * * (إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون) * * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) * * (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا) * إلى قوله * (ونحن له مسلمون) * إلى غير ذلك من الآيات وذهبت الحشوية
(٢٦٠)