شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ٢ - الصفحة ٢٥٩
) إلى قوله * (وكنا نكذب بيوم الدين) * وقوله تعالى * (والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة) * فإنه يفيد قصر المسند على المسند إليه كقوله تعالى * (إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) * * (وأولئك هم المفلحون) * * (أصحاب الجنة هم الفائزون) * فيكون كل من هو من أصحاب المشأمة مكذبا بالآيات نجعلها كبرى لقولنا الفاسق من أصحاب المشأمة ونجعل النتيجة صغرى لقولنا كل مكذب بآيات الله كافر قلنا لا خفاء في أن كل فاسق ليس بمكذب فيحمل الأوليان على الكفار المكذبين والثالثة على التأكيد دون القصر ولو سلم فمثله عند كون المسند إليه موصولا أو معرفا باللام يكون لقصر المسند إليه على المسند كقولهم الكرم هو التقوى والحسب هو المال والعالم هو المتقي فيكون المعنى أن كل مكذب بالآيات فهو من أصحاب المشأمة ولا ينعكس كليا الرابع ما يدل على كون الكافر في مقابلة المتقي من غير ثالث ولا شك أن الفاسق ليس بمتق فيكون كافرا وذلك قوله تعالى * (وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا) * إلى قوله * (وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا) * قلنا لا دلالة على نفي قسم ثالث الخامس أن الفاسق آيس من روح الله وكل من هو كذلك فهو كافر لقوله تعالى * (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) * قلنا الصغرى ممنوعة فإنه ربما يرجو العفو من الله تعالى أوالتوبة من نفسه وبهذا يندفع ما يقال أن العاصي من المعتزلة يلزم أن يكون كافرا لكونه آيسا فإنه وإن لم يعتقد العفو فليس بآيس من توفيق التوبة فإن قيل هو يعتقد أنه ليس بمؤمن شرعا وكل من كان كذلك فهو كا وأجيب بمنع الكبرى وأما القائلون بكون الفاسق منافقا فتمسكوا بوجهين عقلي وهو أن إقدامه على المعصية المفضية إلى العذاب يدل على أنه كاذب في دعوى تصديقه بما جاء به النبي عليه السلام كمن ادعى أنه يعتقد أن في هذا الحجر حية ثم يدخل فيها يده ونقلي وهو قوله عليه السلام آية المنافق ثلاث إذا وعد أخلف وإذا حدث كذب وإذا ائتمن خان والجواب عن الأول أنه وإن كان يخاف العذاب لكن يرجو الرحمة ويأمل توفيق التوبة أو يلهيه عن آجل العقوبة عاجل اللذة بخلاف حديث الحجر والحية وعن الثاني بأنه مع كونه من الآحاد ليس على ظاهره وفاقا للقطع بأن من وعد غيره عدة ثم أخلفها لم يكن منافقا في الدين وإذا تأملت فحال الفاسق على عكس حال المنافق لأنه يضمر حسناته ويظهر سيئاته قال المبحث الثاني في الإسلام الجمهور على أن الإسلام والإيمان واحد إذ معنى آمنت بما جاء به النبي عليه السلام صدقته ومعنى أسلمت له سلمته ولا يظهر بينهما كثير فرق لرجوعهما إلى معنى الاعتراف والانقياد والإذعان والقبول وبالجملة لا يعقل بحسب الشرع مؤمن ليس بمسلم أو مسلم ليس بمؤمن وهذا مراد القوم بترادف الاسمين واتحاد المعنى وعدم التغاير على ما قال في التبصرة الاسمان من قبيل الأسماء المترادفة وكل مؤمن مسلم وكل مسلم مؤمن لأن الإيمان اسم لتصديق شهادة العقول والآثار على وحدانية الله تعالى وأن له الخلق والأمر
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»