المحسوسة أجرى الله تعالى العادة باستمرار حياة الأجساد ما استمرت مشابكتها بها فإذا فارقها يعقب الموت الحياة في استمرار العادة ثم الروح يعرج به ويرفع في حواصل طيور خضر في الجنة ويهبط به إلى سجين من الكفرة كما وردت فيه الآثار والحياة عرض يحيى به الجوهر والروح يحيى بالحياة أيضا إن قامت به الحياة فهذا قولنا في الروح كذا في الإرشاد قال المبحث الثالث قد سبقت في مباحث الجسم إشارة إلى أن الأجسام باقية غير متزايلة على ما يراه النظام وقابلة للفناء غير دائمة البقاء على ما يراه الفلاسفة قولا بأنها أزلية أبدية والجاحظ وجمع من الكرامية قولا بأنها أبدية غير أزلية وتوقف أصحاب أبي الحسين في صحة الفناء واختلف القائلون بها في أن الفناء بإعدام معدم أو بحدوث ضد أو بانتفاء شرط أما الأول فذهب القاضي وبعض المعتزلة إلى أن الله تعالى يعدم العالم بلا واسطة فيصير معدوما كما أوجده كذلك فصار موجودا وذهب أبو الهذيل إلى أنه تعالى يقول له إفن فيفنى كما قال له كن فكان وأما الثاني فذهب جمهور المعتزلة إلى أن فناء الجوهر بحدوث ضد له هو الفناء ثم اختلفوا فذهب ابن الإخشيد إلى أن الفناء وإن لم يكن متحيزا لكنه يكون حاصلا في جهة معينة فإذا أحدثه الله تعالى فيها عدمت الجواهر بأسرها وذهب ابن شبيب إلى أن الله تعالى يحدث في كل جوهر فناء ثم ذلك الفناء يقتضي عدم الجوهر في الزمان الثاني وذهب أبو علي وأتباعه إلى أنه يخلق بعدد كل جوهر فناء لا في محل فيفنى الجواهر وقال أبو هاشم وأشياعه يخلق فناء واحد لا في محل فتفنى به الجواهر بأسرها وأما الثالث وهو أن فناء الجوهر بانقطاع شرط وجوده فزعم بشر أن ذلك الشرط بقاء يخلقه الله تعالى لا في محل فإذا لم يوجد عدم الجوهر وذهب الأكثرون من أصحابنا والكعبي من المعتزلة إلى أنه بقاء قائم به يخلقه الله تعالى حالا فحالا فإذا لم يخلقه الله تعالى فيه انتفى الجوهر وقال إمام الحرمين بأنها الأعراض التي يجب اتصاف الجسم بها فإذا لم يخلقها الله فيه فني وقال القاضي في أحد قوليه هو الأكوان التي يخلقها الله تعالى في الجسم حالا فحالا فمتى لم يخلقها فيه انعدم وقال النظام أنه ليس بباق بل يخلق حالا فحالا فمتى لم يخلق فني وأكثر هذه الأقاويل من قبيل الأباطيل سيما القول يكون الفناء أمرا محققا في الخارج وضدا للبقاء قائما بنفسه أو بالجوهر وكون البقاء موجود إلا في محل ولعل وجه البطلان غني عن البيان قال المبحث الرابع يعني أن القائلين بصحة الفناء وبحقية حشر الأجساد اختلفوا في أن ذلك بإيجاد بعد الفناء أو بالجمع بعد تفرق الأجزاء والحق
(٢١٥)