يلزم لو لم يكن الوقت أيضا معادا أو لم يكن هو مسبوقا بحدوث آخر وهذا ما يقال أن المبتدأ هو الواقع أولا لا الواقع في الزمان الأول والمعاد هو الواقع ثانيا لا الواقع في الزمان الثاني وبهذا يمكن أن يدفع ما يقال لو أعيد الزمان بعينه لزم التسلسل لأنه لا مغايرة بين المبتدأ والمعاد بالماهية ولا بالوجود ولا بشيء من العوارض وإلا لم يكن إعادة له بعينه بل بالقبلية والبعدية بأن هذا في زمان سابق وذلك في زمان لاحق فيكون للزمان زمان يمكن إعادته بعد العدم وبتسلسل الثالث لو جاز أن يعاد المعدوم بعينه لجاز أن يوجد ابتداء ما يماثله في الماهية وجميع العوارض المشخصة لأن حكم الأمثال واحد ولأن التقديران وجود فرد بهذه الصفات من جملة الممكنات واللازم باطل لعدم التميز بينه وبين المعاد لأن التقدير اشتراكهما في الماهية وجميع العوارض ورد بأن عدم التميز في نفس الأمر غير لازم كيف ولو لم يتميزا لم يكونا شيئين وعند العقل غير مسلم الاستحالة إذ ربما يلتبس وعلى العقل ما هو متميز في نفس الأمر وقد يجاب بأنه لو صح هذا الدليل لجاز وقوع شخصين متماثلين ابتداء بعين ما ذكرتم ويلزم عدم التميز وحاصله أنه لا تعلق لهذا بإعادة المعدوم الرابع أن المعدوم تمتنع الإشارة إليه إذ لم يبق له ثبوت أصلا فيمتنع الحكم عليه بصحة العود لأن الحكم ثبوت شيء لشيء يقتضي تميزه وثبوته في الجملة والجواب عند المعتزلة القائلين بثبوت المعدوم وبقاء ذاته ظاهر وعندنا أن التميز والثبوت عند العقل كاف في صحة الحكم والاحتياج إلى الثبوت العيني إنما هو عند ثبوت الصفة له في الخارج وما يقال أن القضية تكون حينئذ ذهنية لا حقيقية ولا خارجية فلا يفيد إلا صحة العود في الذهن ليس بشيء لأنا نأخذ للقضية مفهوما عاما هو أن ما يصدق عليه الوصف العنواني في الجملة يصدق عليه المحمول فالمعنى ههنا أن ما يصدق عليه أنه معدوم في الخارج يصدق عليه أنه يوجد في الخارج ولو سلم فالذهنية معناها أن الموضوع المأخوذ في الذهن محكوم عليه بالمحمول فالمعنى ههنا أن المعنى الذهني المعدوم في الخارج يصح أن يعاد ويوجد في الخارج وبالجملة فهذا كما يقال المعدوم الممكن يجوز أن يوجد ومن سيولد يجوز أن يتعلم إلى غير ذلك من الحكم على ما ليس بموجود في الخارج حال الحكم وقد يجاب عن جميع الوجوه بأنا نعني بالإعادة أن يوجد ذلك الشيء الذي هو بجميع أجزائه وعوارضه بحيث يقطع كل من يراه بأنه هو ذلك الشيء كما يقال أعد كلامك أي تلك الحروف بتأليفها وهيئاتها ولا يضر كون هذا معادا في زمان وذاك مبتدأ وفي زمان آخر ولا مناقشة في أن هذا نفس الأول أو مثله وهذاالقدر كاف في إثبات الحشر ولا يبطل بشيء من الوجوه قال المبحث الثاني الفلاسفة الطبيعيون الذين لا يعتد بهم في المسئلة ولا في الفلسفة أنه لا معاد للبشر أصلا زعما منهم أنه هذا
(٢١٠)