فاسد لمخالفته الظاهر بلا ضرورة ولعدم مطابقته الجواب أعني قوله لن تراني لأنه نفي لرؤية الله تعالى بإجماع المعتزلة لا للعلم الضروري ولا لرؤية الآية والعلامة كيف وموسى عالم بربه تعالى سمع كلامه وجعل يناجيه ويخاطبه واختص من عنده بآيات كثيرة فما معنى طلب العلم الضروري واندكاك الجبل أعظم آية من آياته فكيف يستقيم نفي رؤية الآية وأيضا الآية إنما هي عند اندكاك الجبل لا استقراره فكيف يصح تعليق رؤيتها بالاستقرار وأيضا الرؤية المقرونة بالنظر الموصول بإلى نص في الرؤية كذا في الإرشاد لإمام الحرمين وما وقع في المواقف من أن الرؤية وإن استعملت للعلم لكنه بعيد جدا إذا وصلت بإلى سهو أو مأول بأن النظر بمعنى الرؤية فوصله وصلها وإلا فليس في الآية وصل الرؤية بإلى الثالث للجاحظ وأتباعه أن موسى عليه السلام إنما سأل الرؤية لأجل قومه حين قالوا أرنا الله جهرة وقالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة وأضاف السؤال إلى نفسه ليمنع فيعلم امتناعها بالنسبة إلى القوم بالطريق الأولى ولهذا قال أفتهلكنا بما فعل السفهاء منا وهذا مع مخالفته الظاهر حيث لم يقل أرهم ينظرون إليك فاسد أما أولا فلأن تجويز الرؤية باطل بل كفر عند أكثر المعتزلة فلا يجوز لموسى تأخير الرد وتقرير الباطل ألا يرى أنهم لما قالوا اجعل لنا إلها كما لهم آلهة رد عليهم من ساعته بقوله إنكم قوم تجهلون وأما ثانيا فلأنه لم يبين لهم الامتناع بل غايته الإخبار بعدم الوقوع وإنما أخذتهم الصاعقة لقصدهم التعنت والإلزام على موسى عليه السلام لا لطلبهم الباطل وأما ثالثا فلأنهم إن كانوا مؤمنين بموسى مصدقين لكلامه كفاهم إخباره بامتناع الرؤية من غير طلب للمحال ومشاهدة لما جرت من الأحوال والأهوال والألم يفد الطلب والجواب لأنهم وإن سمعوا الجواب فهو المخبر بأنه كلام الله تعالى والمعتزلة تحيروا في هذا المقام فزعموا تارة أنهم كانوا مؤمنين لكن لم يعلموا مسألة الرؤية فظنوا جوازها عند سماع الكلام واختار موسى عليه السلام في الرد عليهم طريق السؤال والجواب من الله ليكون أوثق عندهم وأهدى إلى الحق وتارة أنهم لم يكونوا مؤمنين حق الإيمان ولا كافرين بل مستدلين أو فاسقين أو مقلدين فاقترحوا ما اقترحوا وأجيبوا بما أجيبوا وأضاف موسى الرؤية إلى نفسه دونهم لئلا يبقى لهم عذر ولا يقولوا لو سألها لنفسه لرآه لعلو قدره وكل ذلك خبط لأن السائلين القائلين لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة لم يكونوا مؤمنين ولا حاضرين عند سؤال الرؤية ليسمعوا جواب الله وإنما الحاضرون هم السبعون المختارون ولا يتصور منهم عدم تصديق موسى عليه السلام في الأخبار بامتناع الرؤية ولا فائدة للسؤال بحضرتهم على تقدير امتناع الرؤية إلا أن يطلعوا فيحيروا السائلين ولا شك أنهم إذا لم يقبلوه من موسى مع تأيده بالمعجزات فمن السبعين أولى الرابع أنه سأل الرؤية مع علمه بامتناعها لزيادة الطمأنينة بتعاضد دليل العقل والسمع كما في طلب إبراهيم عليه السلام أن يريه كيفية إحياء الموتى ورد بأن هذا لا ينبغي أن يكون
(١١٢)